هل يمكن للعالم الإسلامى أن يتجاوز خلافاته ليستعيد قوته من جديد ؟
الإجابة قد تبدو سهلة جدا و لكن الصعوبة تكمن فى التطبيق و الذى لن يتم دون إرادة حقيقية..
أولا يجب الإقرار بأن القوة مرادفة للإتحاد و للإعتصام بحبل الله..و أن الهوان الذى نحن فيه هو نتيجة حتمية للتفرق و التشرذم و الخلافات الساذجة بين أبناء الأمة الإسلامية..
و إذا رجعنا إلى تاريخ الإسلام سنجد أن وفاة الرسول صلوات ربى و سلامه عليه كانت سبب لأول صدمة حدثت للصحابة و نتج عنها خلاف..هل مات الرسول حقا ؟
قال عمر بن الخطاب : لا.
و أشهر سيفه و قال أن المنافقين هم من يرددون ذلك ..و أن الرسول صلى الله عليه و سلم قد ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران و سيعود ليقطع أيدى و أرجل من يزعمون بأنه مات..لكن الدرس الأول و هو " التحقق "جاء من أبى بكر الصديق إذ جاء على فرسه و توجه فورا إلى حجرة الرسول صلى الله عليه و سلم فأيقن بموته ..فخرج إلى الناس قائلا : من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات و من كان يعبد الله فإن الله حى لا يموت ..ثم تلا الآية القرآنية التى أخرجت الناس من تخبط الإختلاف و هول الصدمة : ( و ما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) إلى آخر الآية..
أول من إستوعب درس الصديق كان هو الفاروق الذى لم تحمله قدماه فخر على الأرض موقنا بوفاة الرسول صلى الله عليه و سلم.
و بذلك تم إنتهاء أول خلاف..
الخلاف الثانى كان حول المكان الذى ينبغى أن يدفن فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم ..فقال البعض فى مكة و قال البعض بل فى البقيع فى المدينة..و للمرة الثانية يحسم ( بالعلم) أبو بكر الصديق الخلاف بينهم بحديث النبى صلى الله عليه و سلم : ( ما قبض الله نبيا إلا فى الموضع الذى يحب أن يدفن فيه )..
فدفن الرسول صلى الله عليه و سلم فى مسجده . و بذلك تم الإنتهاء من الخلاف الثانى.
أما الخلاف الثالث فكان بين المهاجرين و الأنصار حول شكل الحكم و هل سيكون الخليفة من المهاجرين أم من الأنصار ..و هنا جاء الحل الحاسم عن طريق الفاروق الذى بايع الصديق للخلافة ..الصحابة يعرفون جيدا حديث النبى صلى الله عليه و سلم : ( إن الله جعل الحق على لسان عمر و قلبه )
لذلك فبمجرد أن ذكرهم عمر بأن الرسول صلى الله عليه و سلم قد إختار أبا بكر للدين و الصلاة بالمسلمين أفلا يختارونه لدنياهم ؟
و بدأ بنفسه فبايعه فأرتضوا ترشيحه و بايعوا الصديق ..
الدرس الرابع و عودة للصديق حين أصر على وحدة الدولة و ترابطها و لو بمقاتلة المرتدين الذين أرادوا أن يمنعوه الزكاة..
ثم تتوالى الدروس التى يجب أن نعيها و نقف عندها فى كيفية بناء و ترسيخ الدولة الراشدة ..ثم فى مقتل عمر بن الخطاب و الذى تسبب مقتله فى فتح أبواب الفتنة..و تم الخروج على عثمان بن عفان لأسباب ظاهرها دينى و باطنها دنيوى..ثم الفتنة الكبرى فى الإقتتال بين المؤمنين..
ثم فى خروج بعض من شيعة على كرم الله وجهه عليه رفضا للتحكيم.
ثم فى ظهور الفرق المختلفة ..ثم كيف تم إغفال الجانب الدينى و الركون إلى الجانب الدنيوى رويدا رويدا ..إلى أن أنتهت الأمة إلى ما انتهت إليه من ضعف و هوان و تفكك ..
التحقق و العودة إلى القرآن و السنة و الإجتهاد بالرأى فيما يجمع و لا يفرق و تفويت الفرصة على كل من ينبذ العلم و يرسى لقواعد الفتنة و الجهالات هى بعض مما ينبغى أن نسعى إليه بقوة..فمن لا يعرف ماضيه و لا يدرك حاضره و واقعه ..حتما سينفلت مستقبله من بين يديه.
المفضلات