***
فانساب وحي الشعر من أوتارهِ = كجداولٍ في الحقلِ منسكباتِ
وغدا يغنّي في الحمي : يا جنّةً = فجّرتُ بين ظلالها نغماتي
النيل فيها قصةٌ أبديةٌ = والطير قارئها على العذبات
والنخلُ فيها ذاكرٌ مسترسلٌ = هيمانُ مسحورٌ على الورقاتِ
والنخل في صمت الرياح كأنّه = نُسّاكُ فجرٍ آذنوا لصلاةِ
والشاعرون كأنّ مسّةَ جِنّةٍ = خبلتهمُ من روعة الخطراتِ
تلقى أناملهم إذا جاسوا بها = من زحمة الإلهامِ مُرتعشاتِ
كنّا نسير بها ولا حُسنٌ ولا = فِتنٌ سوى الأغلال محتدمات
نُسقى بها البلوى ويشرب غيرنا = من نيلها بالأكؤس الشّبماتِ
والقيدُ يسبقنا إذا رُمنا به = فتكاً فيرهقُ عزّةَ الخُطُوات
وإذا بأرواح الشباب تُطلُّ مِنْ = خلل الأسى والذّلِّ مُنفطراتِ
حتّى أتى يوم الفداء فزُلزلت = غضباً وراحت فيه مُشتعلات
لبست دروع النار ثم تقدمت = لسلاسل الفولاذ مضطرمات
نسفت صفائحها وأفنت ذرّها = وتهافتت في الترب مبتسمات
رشفت رحيقَ الخلد قبل مماتها = وتهيّأت لحماهُ مُنتشيات
فوقفتُ أبعث ذكرها بملاحني = فشدت مُرفرفةً على أبياتي
يا شاعراً غنّى فكاد نشيدهُ = يهتزُّ في الأكفان منهُ رُفاتي
هذا خيالُ الخالدينَ فغنّني = وأعِدْ بشعركَ للشباب حياتي
شعر: محمود حسن إسماعيل
المفضلات