المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اباطيل يجب ان تمحي من التاريخ الاسلامي



ابن طيبة
06-08-2006, 10:17 PM
الاخوة الافاضل اود ان اقدم لكم موضوع جديد عن بعض الاباطيل الموجودة في تاريخنا الاسلامي
و بسبب قرأتي في كتب التاريخ جعلني اشعر ان الاحساس بالوجدان يعتبر سبيلا من سبل المعرفة قلما يخطيء كما جعلني اؤمن بان الحكم علي اقدار الناس يجب ان يكون قائما علي حسن الظن حتي يثبت خلاف ذلك كما ادركت ان الفكرة الفاسدة كاللقمة الفاسدة تماما لان الاولي لا يستسيغها العقل و الثانية تتقزز منها النفس و تلفظها المعدة في عنف و قوة و كثيرا ما نمر بقضايا من التاريخ ترويها امهات الكتب الاسلامية و هي تتعارض مع البديهي من تعاليم الاسلام و تارة اخري تروي الكتب سيرة الصحابة الكبار ما لا يتفق مع مركزهم الديني و لا يليق بصحبتهم لرسول الله فيضطر المسلم بحكم اسلامه ان يرفض ما ذكرته امهات الكتب سواء في التفسير او في التاريخ و قد لا يوجد نص ينفي ما ورد و لكن العقل و المنطق و الوجدان يقف حائلا دون تصديق ما تواترت عليه الروايات و من هنا كانت هذه المجموعة من المقالات لتصحيح بعض ماورد في روايات التاريخ الاسلامي من اباطيل

النزاع بين علي و معاوية رضي الله عنهما

إن من المُسلـَّمِ به أن معاوية بن أبي سفيان كان من كبار الصحابة و كان كاتب الوحي[1]، و هو الذي قال عنه النبي «اللهمَّ اجعَلهُ هادياً مَهْديَّـاً و اهدِ به»[2]. و قال أيضاً: «اللهم عَلِّم مُعاوية الكِتاب و قِهِ العذاب»[3]. و قد ثبت من فضائله في السنة الصحيحة الشيء الكثير[4]، ممّا لا يُنكِره إلا جاحدٌ أو جاهل. و لذلك لمّا سأل رجلٌ الإمام أحمد بن حنبل: «ما تقول –رحمك الله– فيمن قال: لا أقول إن معاوية كاتب الوحي، ولا أقول أنه خال المؤمنين، فإنه أخذها بالسَّيف غصْباً؟». قال الإمام أحمد: «هذا قول سوءٍ رديء. يجانبون هؤلاء القوم، و لا يجالسون، و نبيِّن أمرهم للناس»[5].

أما ما يقال من أحاديث في ذم معاوية و بني أميّة، فكلها أحاديث موضوعة[6] وضعها الشيعة أو المتملِّـقون للعباسيين. قال الإمام إبن القَيِّم الجَّوزيّة: «من ذلك الأحاديث في ذمّ معاوية، و كل حديث في ذمه فهو كذب، و كل حديث في ذم عَمْرو بن العاص فهو كذب، و كل حديث في ذم بني أمية فهو كذب، و كل حديث في مدح المنصور و السفاح و الرَّشيد فهو كذب... و كذلك أحاديث ذم الوليد و ذم مروان بن الحكم»[7].

و لعل الحادثة التي يدندن لها المنافقون هي قضية القتال بين أهل الشام و بين أهل العراق. فنقول إنه قد اقتتل جيش علي في معركة الجمل مع جيش عائشة و طلحة و الزبير و هُمْ جميعاً من المبشرين من الجنة و من خيرة الصحابة و من خيرة من بهذه الأمة فليست تجريحاً و لا طعناً بهم لأنهم كانو متأوّلين و ذنبهم مغفور. و سيأتي تفصيل ذلك في محلّه بإذن الله.

و أما حديث «وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» فهو صحيح. أما الزيادة التي وقعت في بعض نسخ البخاري القديمة: «يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ»، فهي لا تعني أن نشهد على أهل الشام بالنار، و لذلك قال أمير المؤمنين بالحديث ابن حجر العسقلاني في شرحه لهذا الحديث: «فالجواب أنهم كانو ظانين أنهم يدعون إلى الجنة، و هم مجتهدون لا لوم عليهم في اتباع ظنونهم. فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها و هو طاعة الإمام، و كذلك كان عمار يدعوهم إلى طاعة علي و هو الإمام الواجب الطاعة إذ ذاك، و كانو هم يدعون إلى خلاف ذلك لكنهم معذورون للتأويل الذي ظهر لهم».

و هذه الزيادة تفرد بها البخاري دون مسلم، رغم أن شرط مسلم أسهل. وقد كانت في نسخ صحيح البخاري القديمة ثم تنبّه لها فحذفها من صحيحه لأنها مدرجة. قال إبن حجر في شرح للحديث: «و اعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع، و قال: إن البخاري لم يذكرها أصلاً. و كذا قال أبو مسعود. قال الحميدي: و لعلها لم تقع للبخاري، أو وقعت فحذفها عمداً. قال: و قد أخرجها الإسماعيلي و البرقاني في هذا الحديث. قلت –و الكلام لإبن حجر–: و يظهر لي أن البخاري حذفها عمداً و ذلك لنكتة خفية، و هي أن أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي r، فدلّ على أنها في هذه الرواية مُدرجة، و الرواية التي بيّنت ذلك ليست على شرط البخاري». ثمّ بيّن ابن حَجَر عِلّة هذا الحديث باختصار، ثم قال: «فاقتصر البخاري على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي r دون غيره، و هذا دالٌّ على دقة فهمه، و تبحّره في الاطلاع على عِلل الأحاديث».

قال شيخ الإسلام: «ثم إن عمّاراً تقتله الفئة الباغية، ليس نصَّـاً في أن هذا اللفظ لمعاوية و أصحابه. بل يمكن أنه أريد به تلك العصابة التي حملت عليه حتى قتلته و هي طائفة من العسكر. و من رضي بقتل عمّار كان حكمه حكمها. و من المعلوم أنه كان في المعسكر من لم يرض بقتل عمار كعبد الله بن عَمْر بن العاص و غيره. بل كل الناس كانو منكرين لقتل عمار حتى معاوية و عَمْرو»[8].

و هذا و إن كان الإجماع قد انعقد أن علياً أقرب للحق ممن نازعه، فإن من اعتزل الفتنة أصلاً كان أقرب للحق ممن اشترك في الفتنة. و قد جاءت النصوص كلها مؤيدة لهذا. كقول رسول الله : «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَ مَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ»[9]. و قوله أيضاً في الصحيحين: «سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِم.ِ وَ الْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي. وَ الْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي»[10]. و هذه الأحاديث استشهد بها الكثير من الصحابة في تعليلهم لعدم الخروج لقتال المسلمين. و اتفقو على تسميتها بالفتنة. و أيّ فتنة هي أعظم من تقاتل الصحابة مع بعضهم بعضاً؟ فلا شكّ أن من اعتزل الفتنة أفضل ممن اشترك فيها.

و هذا هو موقف الغالبية العظمى من صحابة رسول الله r. فقد جاءنا في أصح الأسانيد أن قد هاجت الفتنة و أصحاب رسول الله r عشرات الألوف فلم يحضرها منهم مئة بل لم يبلغو ثلاثين[11]! و لم يشهد صفين من البدريين مع علي إلا ثلاثة فقط[12] على أقصى تقدير. و روى ابن بطة بإسناده عن بكير بن الأشج أنه قال «أما إن رجالاً من أهل بدر لزمو بيوتهم بعد قتل عثمان فلم يخرجو إلا إلى قبورهم».

و قد قال رسول الله : «إنّ ابْنِي هَذَا سَيّدٌ. وَلَعَلّ الله أنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْن مِنَ المُسْلِمِينَ»[13]. فأصلح الله به بين شيعة علي و شيعة معاوية. و أثنى النبي r على الحسن بهذا الصلح الذي كان على يديه، و سماه سيِّداً بذلك لأجل أن ما فعله الحسن يحبه الله و رسوله و يرضاه الله و رسوله. و لو كان الاقتتال الذي حصل بين المسلمين هو الذي أمر الله به و رسوله، لم يكن الأمر كذلك، بل يكون الحسن قد ترك الواجب أو الأحب إلى الله. و هذا النص الصحيح الصريح يبين أن ما فعله الحسن محمودٌ مرضي. و لذا يتبيّن أن ترك القتال كان أحسن، و أنه لم يكن القتال واجباً و لا مستحباً. قال ابن تين: «و فيه ولاية المفضول الخلافة مع وجود الأفضل. لأن الحسن و معاوية ولّي كلٌّ منهما الخلافة، و سعد بن أبي وقاص و سعيد بن زيد في الحياة، و هما بدريان»[14].

و الأحاديث الثابتة تبين أن كِلا الطائفتين دعوتهما واحدة و تسعيان للحقّ الذي تعتقدان، وتبرِّئهما من قصد الهوى و اتِّباع البطلان. فقد أخرج البخاري في صحيحه أن رسول الله r قال: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ، وَ تَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، وَ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ»[15]. و هذا الحديث –كما ترى– يُثبت أنهما أصحاب دعوة واحـدة و دِينٍ واحـد. و أخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله قال: «تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. يَقْتُلُهَا أَوْلَىَ الطّائِفَتَيْنِ بِالْحَقّ». فهذا الحديث يبيّن أن كلا الطائفتين يطالبان بالحق و يتنازعان عليه، أي أنّهما يقصدان الحق و يطلبانه. و يبيّن أن الحقّ هو مع علي لأنه قاتل هذه الطائفة و هي طائفة الخوارج التي قاتلها في النهروان. قال الإمام محيي الدين النووي: «فيه التّصريح بأن الطائفتين مؤمنون لا يخرجون بالقتال عن الإيمان و لا يفسِقون».

فلذلك نجزم بأن الصواب هو ترك الفتنة أصلاً. إذ إنّ الله يقول: ]وَ إِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُو فَأَصْلِحُو بَيْنَهُمَا. فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُو الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ. فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُو بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُو إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين[.

فالأمر بقتال الفئة الباغية يكون بعد أن يبدأ القتال. و لم يرد أي دليل على وجوب بدئ قتال الفئة الباغية، بل إن النصوص الصريحة الثابتة عن النبي تفيد أن ترك القتال كان خيراً للطائفتين. فلم يكن واجباً و لا مستحباً. و إنّ علياً مع أنه أولى بالحق و أقرب إليه من معاوية، لو ترك القتال لكان فيه خيراً عظيماً و كفاً للدماء التي أسيلت. و لهذا كان عمران بن حصين t ينهى عن بيع السلاح فيه و يقول: «لا يُباع السِّلاح في الفتنة»، وهذا قول سعد بن أبي وقاص و محمد بن مسلمة و ابن عمر و أسامة بن زيد و أكثر من كان بقي من السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار الذين اعتزلو الفتنة و لم يشاركـو في القتـال. لذلك قـال الكثـير مـن أئمة أهل السنة: «لا يُشترط قتال الطائفة الباغية، فإن الله لم يأمر بقتالها ابتداءً، بل أمر إذا اقتتلت طائفتان أن يصلح بينهما. ثم إن بغت إحداهما على الأخرى قوتلت التي تبغي».

ولـو فرضنا أن الذين قاتلـو علياً عصاة وليسو مجتهـدين متأولين فلا يكون ذلك قادحـاً في إيمانهم و استحقاقهم لدخول الجنان، فالله سبحانه و تعالى يقول ]وَ إِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُو فَأَصْلِحُو بَيْنَهُمَا. فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُو الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ. فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُو بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُو إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين. إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُو بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَ اتَّقُو اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[[16]، فوصفهم بالإيمان وجعلهم إخوة رغم قتالهم وبغي بعضهم على بعض فكيف إذا بغى بعضهم على بعض متأولاً أنه على الحق فهل يمنع أن يكون مجتهداً سواءٌ أخـطأ أو أصاب؟!

و بالنسبة لبغي معاوية (إن سلّمنا به) فإما أن يكون فيه متأوّلاً أن الحقَّ معه، أو يكون متعمداً في بغيه. و في كلا الحالتين فإنّ معاوية ليس معصوماً من الوقوع في ذلك أو غيره من الذنوب. فأهل السنة لا ينزّهونه من الوقوع في الذنوب. بل يقولون أن الذنوب لها أسباب ترفعها بالاستغفار و التوبة منها أو في غير ذلك. و قد ذكر ابن كثير في البداية عن المسور بن مخرمة أنه وفد على معاوية قال: «فلمّا دخلت عليه فقال: ما فعل طعنك على الأئمة يا مسور؟ قال قلت: ارفضنا من هذا و أحسن فيما قدمنا له. فقال: لتكلِّمني بذات نفسك. قال: فلم أدع شيئاًَ أعيبه عليه إلا أخبرته به. فقال: لا تبرأ من الذنوب، فهل لك من ذنوب تخاف أن تهالك إن لم يغفرها الله لك؟ قال: قلت: نعم، إن لي ذنوباً إن لم يغفرها هلكت بسببها. قال: فما الذي يجعلك أحقّ بأن ترجو أنت المغفرة مني، فوَ الله لما إلي من إصلاح الرعايا و إقامة الحدود و الإصلاح بين الناس و الجهاد في سبيل الله و الأمور العظام التي لا يحصيها إلا الله و لا نحصيها أكثر من العيوب و الذنوب، و إني لعلى دين يقبل الله فيه الحسنات و يعفو عن السيئات، و الله على ذلك ما كنت لأخيَّر بين الله و غيره إلا اخترت الله على غيره مما سواه. قال: ففكّرت حين قال لي ما قال فعرفت أنه قد خَصَمَني. قال: فكان المسور إذا ذكره بعد ذلك دعا له بخير». فكيف إذا كان متأولاً؟ لذلك يقول ابن كثير: «معاوية معذور عند جمهور العلماء سلفاً و خلفاً».

يقول إبن تيمية: «و الصّحابة الذين لم يقاتلو معه كانو يعتقدون أنّ ترك القتال خير من القتال، أو أنه معصية فلم يجب عليهم موافقته في ذلك. و الذين قاتلوه لا يخلو إما أن يكونو عصاةً أو مجتهدين مخطئين أو مصيبين. و على كل تقدير فهذا لا يقدح في إيمانهم و لا يمنعهم الجنة، فإن الله تعالى قال و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلو فأصحلو بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلو التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله. فإن فاءت فأصلحو بينهما بالعدل و أقسطو إن الله يحب المقسطين. إنما المؤمنون إخوة فأصلحو بين أخويكم و اتقو الله لعلكم ترحمون. فسماهم إخوة و وصفهم بأنهم مؤمنون مع وجود الاقتتال بينهم و البغي من بعضهم على بعض. فمن قاتل علياً فإن كان باغياً فليس ذلك بمخرجه من الإيمان و لا بموجب له النيران و لا مانع له من الجنان. فإن البغي إذا كان بتأويلٍ كان صاحبه مجتهداً. و لهذا اتفق أهل السنة على أنه لا تفسق واحدة من الطائفتين و إن قالو في إحداهما إنهم كانو بغاة لأنهم كانو متأولين مجتهدين. و المجتهد المخطىء لا يكفر و لا يفسق و إن تعمد البغي. فهو ذنب من الذنوب، و الذنوب يرفع عقابها بأسباب متعددة كالتوبة و الحسنات الماحية و المصائب المكفرة و شفاعة النبي r و دعاء المؤمنين و غير ذلك»[17]. قلت و سيمرُّ معنا –بإذن الله– كيف أن عليّ بن أبي طالب اعتبر من قـُتِل من الطّرفين في يوم صفّين شهيداً.

و لا شكّ أن للصحابة ذنوباً كباقي البشر لأنّ أحداً منهم غير معصوم. و لكنّ لهم أجراً عظيماً و ثواباً كبيراً يغفر لهم تلك الذنوب كلها، حيث أن رسول الله r قال «لاَ تَسُبّو أَصْحَابِي. لاَ تَسُبّو أَصْحَابِي. فَوَ الّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً، مَا أَدْرَكَ مُدّ أَحَدِهِمْ، وَ لاَ نَصِيفَهُ» فهذا يدلنا على عظم أجر الصحابة. و هم بلا شك أحق الناس بالشفاعة من رسول الله . و لذلك فأهل الفرقة الناجية متفقون على أن الصحابة هم خير هذه الأمة كلها.

و هذا حاطب بن أبي بلتعة t فعل ما فعل. و كان يُسيء إلى مماليكه حتى ثبت أنّ غلامه قال: «يا رسولَ اللّهِ لَيَدْخُلَنّ حاطِبٌ النّارَ». قال: «كَذَبْتَ، لا يَدْخُلُهَا فَإِنّهُ شَهِدَ بَدْراً وَ الْحُدَيْبِيّةَ»[18]. و قد أرسل كتاب إلى بعض المشركين بمكة يخبرهم بأسرارٍ عسكرية، و انكشَف أمره. فالذي فعله هو خيانة عسكرية حدّها القتل، و قد تصل بصاحبها للكفر. و مع ذلك فإن رسول الله r لم يقتله و لم يكفّره و لم يفسّقه. بل لمّا قال عمر t: «إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الْمُؤْمِنِينَ فَدَعْنِي فَلِأَضْرِبَ عُنُقَه». فأجابه رسول الله r: «أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُو مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمْ الْجَنَّةُ، أَوْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُم». فهذه السيئة العظيمة غفرها الله له بشهود بدر، فدلَّ ذلك على أن الحسنة العظيمة يغفر الله بها السيئة العظيمة كما قال الله تعالى: ]أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُو وَ نَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُو يُوعَدُونَ[[19]. و لذلك قال عبد الله بن عمر بن الخطّاب t: «لا تسبو أصحاب محمد، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم أربعين سنة»[20]. و هذا فضل الله يؤتيه من يشاء. و لكن الحسد إذا حلَّ في قلب عبدٍ اسْتَحَال عِلاجه. كيف و هو أوَّل ذنبٍ عُصِي به الله تعالى عندما حَسَدَ إبليس آدم r؟

أما ما زعمه الشيعة من أن معاوية بن أبي سفيان لم يدخل الإسلام أصلاً و أنه كان منافقاً، فهو في غاية السخف. إذ لمّا مات يزيد بن أبي سفيان في خلافة عمر، استعمل أخاه معاوية. و كان عمر بن الخطاب من أعظم الناس فراسة و أخبرهم بالرجال و أقومهم بالحق و أعلمهم به، حتى قال علي بن أبي طالب t: «كنّا نتحدث أن السَّكينة تنطق على لسان عمر». و قال النبي : «إن الله ضرب الحقَّ على لسان عمر و قلبه»[21]، و قال: «لو لم أبْعَث فيكم، لبعث فيكم عمر»، و قال ابن عمر: «ما سمعت عمر يقول في الشيء: إني لأراه كذا و كذا إلا كان كما رآه». و قد قال له النبي : «وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّك». و لا استعمل عمر قط، بل و لا أبو بكر، على المسلمين منافقاً، و لا استعملا من أقاربهما، و لا كانت تأخذهما في الله لومة لائم. بل لمَّا قاتلا أهل الردة و أعادوهم إلى الإسلام، منعوهم ركوب الخيل و حمل السلاح حتى تظهر صِحة توبتهم[22]. فلو كان عمرو بن العاص و معاوية بن أبي سفيان و أمثالهما ممن يتخوف منهما النفاق، لم يولَّو على المسلمين. بل إنّ الطاعن في عَمْر بن العاص هو طاعن في رسول الله r. إذ أن عَمْراً قد أمَّرَه النبي في غزوة ذات السلاسل، و في الجيش أبا بكر و عمر، و النبي r لم يولِّ على المسلمين منافقاً. و أرسله كذلك ليدعو أهل عُمان إلى الإسلام فأسلمو. و قد استعمل على نجران أبا سفيان بن حرب أبا معاوية. و مات رسول الله و أبو سفيان نائبه على نجران. و قد اتفق المسلمون على أن إسلام معاوية خير من إسلام أبيه أبي سفيان، فكيف يكون هؤلاء منافقين و النبي r يأتمنهم على أحوال المسلمين في العلم و العمل؟!

و معاوية ما أراد الحكم ولا اعترض على إمامة عليّ بن أبي طالب ، بل طالب بتسليمه قتلة عثمان ثم يدخل في طاعته بعد ذلك، فقد أورد الذهبي في "السير": «جاء أبو مسلم الخولاني و ناس معه إلى معاوية فقالو له: أنت تنازع علياً أم أنت مثله؟ فقال معاوية: لا و الله إني لأعلم أن علياً أفضل مني، و إنه لأحق بالأمر مني، و لكن ألستم تعلمون أنّ عثمان قتل مظلومـاً، و أنا ابن عمه، و إنمـا أطلب بدم عثمان، فأتوه فقولو له فليدفـع إليّ قتلة عثمـان و أسلّم لـهُ. فأتوْ علياً فكلّموه بذلك فلم يدفعهم إليه»[23]. و في رواية عند ابن كثير: «فعند ذلك صمّم أهل الشام على القتال مع معاوية»[24].

أما ما يزعم بعض الجهلة أن الخلاف بين علي و معاوية –رضي الله عنهما– كان سببه طمع معاوية في الخلافة، فهذا من باب الدخول في النوايا و القول بغير علم، و الله تبارك و تعالى يقول: ]قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَ مَا بَطَنَ، وَ الْأِثْمَ وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَ أَنْ تُشْرِكُو بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً، وَ أَنْ تَقُولُو عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ[[25]، و يقول: ]وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُو فَقَدِ احْتَمَلُو بُهْتَاناً وَ إِثْماً مُبِيناً[[26]، و يقول عزّ و جلّ: ]وَ لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ[[27].

و الثابت تاريخياً أن معاوية t لم يبايع بالخلافة إلا بعد أن قـُتل علي و تنازل له الحسن عن الخلافة. فلو فرضنا جدلاً أنه اتخذ قضية القصاص و الثأر لعثمان ذريعة لقتال علي طمعاً في السلطة، فماذا سيحدث لو تمكن علي من إقامة الحد على قتلة عثمان؟ حتماً ستكون النتيجة خضوع معاوية لعلي و مبايعته له، لأنه التزم بذلك في موقفه من تلك الفتنة، كما أن كل من حارب معه كانو يقاتلون على أساس إقامة الحد على قتلة عثمان، على أن معاوية إذا كان يخفي في نفسه شيئاً آخر لم يعلن عنه، سيكون هذا الموقف بالتالي مغامرة، و لا يمكن أن يقدم عليه إذا كان ذا أطماع. و معاوية t كان من كتاب الوحي، و من أفاضل الصحابة، و أصدقهم لهجة، و أكثرهم حلماً، فكيف يعتقد أن يقاتل الخليفة الشرعي و يريق دماء المسلمين من أجل ملكٍ زائل، و هو القائل: «و الله لا أُخيَّر بين أمرين، بين الله و بين غيره، إلا اخترت الله على ما سواه»؟![28]

فلا يعقل أن يصدر عن الصحابة كذب كما أثبتنا بالحجة الناصعة في بحث عدالة الصحابة، و هذا من الذي لا يعقله عاقل أن يصدر من معاوية. ذلك أن العرب كانو يعدون الكذب من أقبح الصفات التي يتنزه عنها الرجال الكرام. و هذه قصة أبي سفيان – و هو يومئذ على الشرك– فيما أخرجه البخاري في صحيحه في قصة سؤال هرقل عن رسول الله r، يقول أبو سفيان: «فو الله لولا الحياء من أن يأثرو عليّ كذباً لكذبت عنه»[29]. فهذا أبوه في الجاهلية يرفض أن يكذب رغم شدة حاجته إلى ذلك خوفاً من أن يؤثر عنه ذلك، فمعاوية رضي الله عنه أحذق من أن يفعل مثل هذا[30]. و لذلك اتفق علماء أهل السنة و الجماعة على أن هذا النزاع كان على دم عثمان و ليس على الخلافة، بل حتى أن أوثق مصادر الشيعة ذكرت ذلك كما سنرى.

يقول إمام الحرمين الجويني: «إن معاوية و إن قاتل علياً فإنه لا ينكر إمامته و لا يدعيها لنفسه، و إنما كان يطلب قتلة عثمان ظناً منه أنه مصيب. و كان مخطئاً»[31]. و يقول شيخ الإسلام بن تيمية: «معاوية لم يَدَّعِ الخلافة، و لم يُبايَع له بها، حتى قـُتِـل علي. فلم يُقاتل على أنه خليفة، و لا أنه يستحقها، و كان يُقرُّ بذلك لمن يسأله»[32]. و يقول الهيتمي المكي: «و من اعتقاد أهل السنة و الجماعة أن ما جرى بين معاوية و علي رضي الله عنهما من الحرب، لم يكن لمنازعة معاوية لعلي في الخلافة للإجماع على أحقيتها لعلي. فلم تهج الفتنة بسببها، و إنما هاجت بسبب أن معاوية و من معه طلبو من علي تسليم قتلة عثمان إليهم لكون معاوية ابن عمه، فامتنع علي»[33].

قال العلامة التّقي: «و ليس في الصحابة بعدهم (أي الخلفاء الثلاثة) من هو أفضل من علي، و لا تُنازع طائفة من المسلمين بعد خلافة عثمان في أنه ليس في جيش علي أفضل منه، و لم تفضّل طائفة معروفة عليه طلحة و الزبير، فضلاً أن يفضل عليه معاوية. فإن قاتلوه مع ذلك لشبهة عرضت لهم. فلم يكن القتال له، لا على أن غيره أفضل منه، و لا أنه الإمام دونه. و لم يتسمَّ قط طلحة و الزبير باسم الإمارة، و لا بايعهما أحد على ذلك»[34]. و يقول –رحمه الله–: «و علي t لم يقاتل أحداً على إمامة من قاتله، و لا قاتل أحداً على إمامته نفسه، و لا ادعى أحدٌ قط في زمن خلافته أنه أحق بالإمامة منه، لا عائشة و لا طلحة و لا الزبير و لا معاوية و أصحابه، و لا الخوارج، بل كل الأمة كانو معترفين بفضل علي و سابقته بعد قتل عثمان، و أنه لم يبق في الصحابة من يماثله في زمن خلافته»[35].

و طالمـا أكّد معـاوية ذلك بقولـه «ما قاتلتُ علياً إلا في أمر عثمان»، وهذا هو ما يؤكده عليّ و من مصادر الشيعة الإثني عشرية أنفسهم، فقد أورد الشريف الرضي في كتاب نهج البلاغة في خطبة لعليّ قوله «و بدء أمرنا أنا التقينا و القوم من أهل الشام، و الظاهر أن ربنا واحد و نبينا واحد، و دعوتنا في الإسلام واحدة، و لا نستزيدهم في الإيمان بالله و التصديق برسوله، و لا يستزيدوننا. الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان، و نحن منه براء»[36]. فهذا عليّ يؤكد أن الخلاف بينه و بين معاوية هو مقتل عثمان و ليس من أجل الخلافة أو التحكم في رقاب المسلمين كما يدعي غلاة الرافضة، و يقرر أن عثمان و شيعته هم أهل إسلام و إيمان، و لكن القضية اجتهادية كل يرى نفسه على الحق في مسألة عثمان. و هو ما يؤكده الحديث الصحيح المرفوع «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان دعوتهما واحدة. فبينما هم كذلك مرق منهما مارقة تقتلهم أولى الطائفتين بالحق». فالفئتين العظيمتين هما أهل الشام و أهل العراق، و أما الفرقة المارقة فهي فرقة الخوارج.

و قد تحدد موقفهم منذ اللحظة التي حمل فيها الصحابي الجليل النعمان بن بشير t قميص عثمان و هو ملطخ بدمائه و معه أصابع نائلة زوجة عثمان، فوضع القميص على المنبر في الشام ليراه الناس و الأصابع معلقة في كـُمِّ القميص. و ندب معاوية الناس للأخذ بثأر عثمان و القصاص من قتلته، و قد قام مع معاوية جماعة من الصحابة في هذا الشان[37].

أما أن معاوية أمر بسبّ عليّ من على المنابر فكذب، و لا يوجد دليل صحيح ثابت بذلك[38]، و سيرة معاوية و أخلاقه تستبعد هذه الشبهة، أما ما يذكره بعض المؤرخين من ذلك فلا يلتفت إليه لأنهم بإيرادهم لهذا التقول لا يفرقون بين صحيحها و سقيمها، إضافة إلى أن أغلبهم من الشيعة أو من العباسيين. ولو كان ذلك حقاً كيف سكت عنه الصحابة وهم متوافرون دون إنكار؟! وهم الشجعان الذين لا يخافون في الله لومة لائم فهم لا يسكتون على سب رجل من عوام المسلمين دون حق بله عن سب علي t وهو الذي أجمع المسلمون على فضيلته ومنزلته الرفيعة. قال القرطبي: «وأما معاوية فحاشاه من ذلك، لِما كان عليه من الصحبة والدين والفضل وكرم الأخلاق. وما يُذكَرُ عنه من ذلك فكذب. وأصح ما في ذلك قوله لسعد هذا. وتأويله ما ذكره عياض. وقد كان معاوية معترفاً بفضل علي وعظيم قدره»[39]. قال ابن عبد البر: «وكان معاوية يكتب فيما ينزل به ليسأل علي بن أبي طالب tعن ذلك، فلما بلغه قتله قال: "ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب"، فقال له أخوه عتبة: "لا يسمع هذا منك أهل الشام"، فقال: دعني عنك"»[40].

و قد قلنا أن معاوية لم يقاتل علي إلا في أمر عثمان. و قد رأى أنه وٌلِّيَ دَمَ عثمان و هو أحد أقربائه. و استند إلى النصوص النبوية التي تبَيِّن و تظهر أن عثمان يقتل مظلوماً، و يصف الخارجين عليه بالمنافقين إشارة إلى ما رواه الترمذي و ابن ماجة عن عائشة قالت «قال رسول الله r: «يا عثمان! إن ولاّك الله هذا الأمر يوماً، فأَرادكَ المنافقون أن تخْلع قميصك الذي قمَّصَكَ الله، فلا تخلعه» يقول ذلك ثلاث مرات»[41]. عن مرة بن كعب قال «قال رسول الله r تهيج على الأرض فتن كصياصي البقر. فمر رجل متقنع، فقال رسول الله r: هذا وأصحابه يومئذ على الحق. فقمت إليه فكشفت قناعه و أقبلت بوجهه إلى رسول الله r فقلت يا رسول الله هو هذا؟ قال هو هذا. قال: فإذا بعثمان بن عفان»[42]. و قد رأى معاوية و أنصاره أنهم على الحق بناء على ذلك، و أنهم على الهدى و خصوصاً عندما نعلم أن المنافقين الثائرين على عثمان كانو في جيش علي فاعتبروهم على ضلال فاستحلّو قتالهم متأوِّلين. إضافة إلى أن أنصار معاوية يقولون لا يمكننا أن نبايع إلا من يعدل علينا و لا يظلمنا، و نحن إذا بايعنا عليّاً ظلمنا عسكره كما ظلم عثمان، و علي لا يمكنه دفعهم كما لم يمكنه الدفع عن عثمان، و ليس علينا أن نبايع عاجزاً عن العدل علينا[43]. و يقولون أيضاً أن جيش علي فيه قتلة عثمان و هم ظلمة يريدون الاعتداء علينا كما اعتدو على عثمان، فنحن نقاتلهم دفعاً لصيالهم علينا. و على ذلك فقتالهم جائز، و لم نبدأهم بالقتال و لكنهم بدءونا بالقتال، و نحن ندافع عن أنفسنا. خاصة أن قائد جيش علي هو الأشتر النخعي أحد قتلة عثمان.

و كان معاوية يقاتل في ظنه دفاعاً عن الحق و عن دم عثمان المهدور، و لم يكن ممن تأخذه العِزَّةُ بالإثم. فعندما قُتِل عثمان و بويع علي، كتب معاوية إلى علي أن عثمان ابن عمي قد قتل ظلماً و أنا وكيله و الله يقول ]وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً. فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً[[44]. فأرسل إلي قتلة عثمان أقتص منهم. و كان علي يستمهله في الأمر حتى يتمكن و يفعل ذلك. ثم يطلب علي من معاوية أن يسلمه الشام فيأبى معاوية ذلك حتى يسلمه القتلة و أبى أن يبايع علياً هو و أهل الشام. فكان أن جعل الله لمعاوية سلطاناً و جعله منصوراً كما وعد[45]. و لم يعترض معاوية و لا أحد من المسلمين على أحقية علي بالخلافة، و إنما أقصر بعضهم عن بيعته لرغبتهم في أن يثأر من قتلة عثمان أولاً كما أسلفنا من قبل. و كان طريقهم الحق و الاجتهاد و لم يكونو في محاربتهم لغرض دنيوي أو لإيثار باطل أو لاستشعار حقد كما قد يتوهَّمه متوهِّم و ينزع إليه مُلحِد، و إنما اختلف اجتهادهم في الحق. و قد أخرج البخاري في صحيحه أن رسول الله r قال: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَ إِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ».

فكان معاوية يرى أن علياً أحسن منه و أولى بالخلافة لكن الخليفة عليه تنفيذ حكم الشريعة و الاقتصاص من قتلة عثمان. و إذا لم يقدر الحاكم على تنفيذ أمر الله فعليه أن يوكّل أمر الحكم لغيره، لأن الغرض الشرعي من السلطان هو إقامة حدود الله. و هذا الموقف نابع من عصبية بني أمية القوية إذ خشي أن يتهم بالتقصير في دم بن عمه عثمان. لكن علي بن أبي طالب كان يرى ما لا يراه معاوية. إذ لم يقم لنصرته من المهاجرين و الأنصار إلا القليل، و كانت عامة جيشه من أهل العراق. و أهل العراق لم تكن لهم عصبية تجمعهم، بل كانو شراذم متفرقة. فإذا حاول أن يقتص من قتلة عثمان (و هم حوالي ألفين)، ثارت عليه عصائب العراق و تفرَّق عليه جيشه. فلم يكن من الممكن أن يقتص من قتلة عثمان حتى تهدئ الفتنة و تجتمع كلمة المسلمين و تضعف العصبية القبلية و تجتمع له قوة من غير أهل العراق، فيطلب كل قاتل للمحاكمة العادلة. و هذا الأمر لم يراه معاوية الذي كان يحكم الشام لعشرين سنة. و الشام بلد مدنيّ ليس فيها عصائب و قبائل، بل كان أهلها على قلب واحد. و قد غلط في هذا الأمر طلحة و الزبير و غيرهم من البدريين، و غلطهم كان أكبر لأنهم كانو في المدينة. و لكن الغلط في هذا الأمر لا يضرهم، لأنه غلط في أمر دنيوي[46].

و قد اتفق الفقهاء على أن الحاكم يجوز له تأخير الحد لمصلحة راجحة. و تلك المصلحة لم يراها من خاصم علياً كما أسلفنا. و قد أجمع علماء أهل السنة و الجماعة على أن علياً كان أقرب للحق من معاوية. و أن معاوية أخطأ في اجتهاده و تقديره، إذ كان عليه أن يطيع الخليفة الذي بايعه المهاجرون و الأنصار حتى لو أخَّر تنفيذ الحدود[47]. و من عجائب التاريخ أن الأمويين قد وقعو بما عابو بها علياً، إذ استعان مروان بن الحكم بقتلة الحسين (لعنهم الله) لنفس السبب الذي استعان به علي بقتلة عثمان (لعنهم الله). فسبحان مقلب الأحوال.

أما لماذا بدأ عليٌّ بالحرب فهو لخوفه من أنه لو ترك الأمور تهدئ و معاوية لم يبايع، فقد يطول الأمر و تتمزق بلاد المسلمين و تنفصل الشام عنها. و قد خرج الجيشان إلى صفين و كلٌّ يظن أنه يريد إرهاب صاحبه، و أن الوساطة ستنجح بين الطرفين. و لكن الأيام الطويلة مضت دون أن يصل المسلمون إلى نتيجة. و ما كان بحسبان عليّ أبداً –و لا معاوية– أن يتحول الأمر إلى تلك المجزرة العظيمة بين المسلمين دون أن تحقق ما كان يبغيه. و لكن إذا قدر الله أمراً فلا بد أن يمضيه. و لا يعقل أن يخرج لقتال معاوية لو كان يعلم ما ستؤول له حالة جيشه و المسلمين من بعد ذلك. و الخطأ في ذلك خطأ دنيوي لا يَضرّه[48]، أما الحكم الشرعي في قتال البغاة فلم يغلط به، بل فعله صار حُجَّةً عند الفقهاء من بعده.

و قد ذكر إبن عساكر لطيفةً أحب أن أذكرها هنا، و هو أن العبد الصالح عمر بن عبد العزيز قال: رأيت رسول الله r –أي في الرّؤيا–، و أبو بكر وعمر جالسان عنده، فسلـَّمت و جلست. فقال لي: «إذا وُلـِّيـْتَ من أمور الناس، فاعمل بعمل هذين: أبي بكر و عمر». فبينا أنا جالس إذ أتي بعلي و معاوية، فأدخلا بيتاً و أجيف عليهم الباب، و أنا أنظر. فما كان بأسرع أن خرج علي و هو يقول: «قضي لي و ربُّ الكعبة يا رسول الله». ثم ما كان بأسرع من أن خرج معاوية و هو يقول: «غُُـفِـر لي و ربُّ الكعبة يا رسول الله!»[49].




[1] ثبت ذلك في صحيح مسلم مع الشرح كتاب فضائل الصحابة ـ باب ـ فضائل أبي سفيان جـ16 برقم (2501).

[2] الحديث صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/236) برقم (3018). و زاد الآجري في كتاب الشريعة لفظة: «و لا تعذبه». كتاب الشريعة للآجري (5/2436-2437) و إسناده صحيح.

و أخرجه البخاري بسند صحيح في التاريخ الكبير (5\240): عن أبي مسهر حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن (الصحابي عبد الرحمن) بن أبي عميرة قال النبي r لمعاوية: اللهمّ اجعله هادياً مهدياً و اهده و اهد به. إنظر أيضاً مسند الشاميين (1\190)، و الآحاد والمثاني (2\358)، و كذلك في التاريخ الكبير (7\326).

أبو مسهر قال عنه الخليلي: ثقة إمام حافظ متفق عليه. تهذيب التهذيب (6\90).

سعيد: قال أحمد في المسند: ليس بالشام رجل أصح حديثا من سعيد بن عبد العزيز. سير أعلام النبلاء (8\34).

ربيعة بن يزيد، قال ابن حبان عنه في الثقات: كان من خيار أهل الشام. تهذيب التهذيب (3\228).

عبد الرحمان بن أبي عميرة، صحابيٌّ جليل كما أثبت إبن حجر العسقلاني في الإصابة (4\342).

و الحديث أخرجه من طرق أخرى عديدة: الطبراني في المعجم الأوسط (1\205)، و أحمد في مسنده (4\216)، و الخلال في السنة (2\450). والحديث صحيح بلا شك على شرط مسلم.

[3] أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7\326) بإسناد صحيح، و أخرجه أيضاً أحمد في فضائل الصحابة (2/913).

[4] أما ما يتشدّق به بعض الجهلة من نقلهم عن إسحاق بن راهوية أنه قال: «لا يصح عن النبي r في فضل معاوية شيء»، فلا يثبت عنه. فقد أخرج الحاكم كما في السير للذهبي (3/132) و الفوائد المجموعة للشوكاني (ص 407) عن الأصم –أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم– حدثنا أبي، سمعت ابن راهوية فذكره. و في الفوائد: سقطت «حدثنا أبي»، و هي ثابتة، فالأصم لم يسمع من ابن راهوية. قلت: يعقوب بن يوسف بن معقل أبو الفضل النيسابوري –والد الأصم– مجهول الحال، فقد ترجمة الخطيب في تاريخه (14/286) فما زاد على قوله: قدِم بغداد و حدّث بها عن إسحاق بن راهوية، روى عنه محمد بن مخلد. و لم يذكر فيه جرحاً و لا تعديلاً، و له ذكر في ترجمة ابنه من السير (15/453) و لم يذكر فيه الذهبي أيضاً جرحاً و لا تعديلاً، و ذكر في الرواة عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم، و لم أجده في الجرح و التعديل، و لا في الثقات لإبن حبّان. و بهذا فإن هذا القول ضعيف لم يثبت عن إسحاق بن راهوية رحمه الله.

[5] السنة للخلال (2\434). إسناده صحيح.

[6] أما رواه مسلم من حديث ابن عباس قال : كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواريت خلف باب ، فجاء فحطأني حطأة و قال: اذهب و ادع لي معاوية، قال : فجئت فقلت هو يأكل، قال : ثم قال لي: اذهب فادع لي معاوية، قال: فجئت فقلت: هو يأكل، فقال: لا اشبع الله بطنه. فهو تأكيد لصحبة معاوية t و بأنه من كتاب الوحي، و قد أخرجه مسلم في باب المناقب. و ليس في الحديث ما يثبت أن ابن العباس t قد أخبره بأن رسول الله r يريده، بل يُفهم من ظاهر الحديث أنه شاهده يأكل فعاد لرسول الله t ليخبره. فأين الذم هنا كما يزعم المتشدِّقون؟! و في الحديث إشارة إلى البركة التي سينالها معاوية من إجابة دعاء النبي r. إذ فيها تكثير الأموال والخيرات له t. فلا أشبع الله بطنك تتضمن أن الله سيرزقك رزقاً طيباً مباركاً يزيد عمّا يشبع البطن مهما أكلت منه. و قد كانت تأتيه –رضي الله عنه– في خلافته صنوف الطيبات التي أغدقت على الأمة كما ذكر إبن عساكر في تاريخه.

أما قول الرسول r لعلي t: «اللهم وال من والاه وعاد من عاداه»، فمعاوية t لم يعادي علياً t بل الاختلاف هو حول التعجيل بتطبيق حدود الله. كما أوضحناه مراراً و تكراراً. و قد نقلنا الكثير من ثناء معاوية على عليٍّ و ترحمه عليه بعد استشهاده.

[7] المنار المنيف (ص117) بتحقيق العلامة عبد الفتّاح أبو غدة. و قد فصّل إبن الجوزي في تخريج هذه الأحاديث في كتابـه الموضوعات (2/15). إنظر أيضاً المنتخب من العلل للخلال (227) لابن قدامة المقدسي.

[8] الفتاوى الكبرى لإبن تيمية (4\267).

[9] البخاري برقم (18).

[10] البخاري برقم (3334)، و مسلم برقم (5136).

[11] رواه بهذا اللفظ الإمام أحمد عن محمد بن سيرين. و إسناده صحيح. إنظر السنة للخلال (2\466). و شواهده أيضاً كثيرة و صحيحة. قال ابن تيمية: «و هذا الإسناد من أصحّ إسناد على وجه الأرض. و محمد بن سيرين من أورع الناس في منطقته، و مراسيله من أصح المراسيل». منهاج السنة (6/236).

[12] قال الإمام أحمد حدثنا أمية بن خلد قال لشعبة إن أبا شيبة روى عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال شهد صفين من أهل بدر سبعون رجلا. فقال كذب أبو شيبة والله لقد ذاكرنا الحكم في ذلك فما وجدناه شهد صفين من أهل بدر غير خزيمة بن ثابت. السنة للخلال (2\465)، و إسناده حسن. وقد قيل أنه شهدها من أهلي بدر سهل بن حنيف وكذا أبو أيوب الأنصاري، كما ذكر إبن تيمية في منهاج السنة.

[13] أخرجه البخاري برقم (6576). و انظر كذلك رد بن حجر في الفتح (13\67) على من وَهِمَ و ضعّف هذا الحديث.

[14] فتح الباري (13\67).

[15] أخرجه البخاري برقم (5142).

[16] (الحجرات:9ـ10).

[17] منهاج السنة النبوية (4\393).

[18] أخرجه الترمذي و صحّحه.

[19] (الأحقاف:15-16)

[20] رواه أحمد في فضائل الصحابة (1/57)، و ابن ماجة (1/31)، و ابن أبي عاصم (2/484)، و الخبر صحّحه البوصيري في زوائد ابن ماجة (1/24)، و المطالب العليّة (4/146)، و حسّنه الألباني في صحيح ابن ماجة (1/32).

[21] أخرجه الترمذي و صحّحه برقم (3682).

[22] الفتاوى الكبرى (4\259).

[23] سير أعلام النبلاء (3\140)، بسند رجاله ثقات كما قال الأرناؤوط. و جوّد إسناده إبن حجر في فتح الباري (13/ص86).

[24] البداية و النهاية (8/132)، و انظر كلاماً لإمام الحرمين و تعليقاً للتباني عليه – إتحاف ذوي النجابة ص 152.

[25] (الأعراف:33).

[26] (الأحزاب:58).

[27] (النور:16).

[28] سير أعلام النبلاء للذهبي (3/151).

[29] البخاري مع الفتح (1/42).

[30] قال الذهبي: «اتفق له البخاري و مسلم في أربعة، و انفرد البخاري بأربعة و مسلم بخمسة». و أخرج له أصحاب الكتب الستة ستون حديثاً. و قال أبو القاسم حمزة بن محمد الكناني في "جزء البطاقة": «روى عن معاوية رضي الله عنه جماعة من أصحاب الرسول r». ثم ساق أسمائهم وأحاديثهم الى أن قال: «وروى عنه وجوب التابعين أهل المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام، وهذه منزلة عظيمة ودرجة رفيعة شريفة».

[31] لمع الأدلة في عقائد أهل السنة (ص115).

[32] مجموع الفتاوى ( 35/72).

[33] الصواعق المحرقة (ص325).

[34] منهاج السنة (6/330).

[35] المنهاج (6/328).

[36] نهج البلاغة (3\648).

[37] تاريخ الطبري (4/562)، و البداية و النهاية لابن كثير (7/228).

[38] و لعلّ أوّل من قام بذلك هو الحجاج عندما حكم العراق في زمن عبد الملك بن مروان. و هذه زلّةٌ كبيرة يذوب لها قلب المؤمن، و الحساب عند رب العالمين.

[39] إنظر شرح صحيح مسلم.

[40] الإستيعاب (3\1108).

[41] سنن ابن ماجة، المقدمة ـ باب ـ فضائل أصحاب الرسول r برقم (112) و راجع صحيح ابن ماجة برقم (90). و أخرجه الترمذي عن أبي الأشعث الصنعاني كتاب الفضائل برقم (3704) وراجع صحيح الترمذي برقم (2922). و في إسناده عند الترمذي عبد الله بن زيد الجرمي، ثقة مدلس و قد عنعن.

[42] فضائل الصحابة لأحمد (1\449 ـ450) برقم (720) وقال المحقق: إسناده صحيح. و يشهد لهذا الحديث ما أخرجه أبو حاتم قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا أبو داود قال حدثنا همام عن قتادة عن محمد بن سيرين عن كعب... الحديث. و فيه قتادة و هو ثقة مدلس. و لكنه يصح لاعتضاده بسند صحيح.

[43] راجع منهاج السنة لابن تيمية (4\384).

[44] (الإسراء:33).

[45] راجع تفسير الآية في تفسير إبن كثير.

[46] و هو ما يسمى عند الفقهاء بتحقيق المناط.

[47] قال ابن حزم في "الفصل" (4\159): «فلم يطلب معاوية من ذلك إلا ما كان له من الحق أن يطلبه و أصاب في ذلك الأثر الذي ذكرنا، و إنما أخطأ في تقديمه ذلك على البيعة فقط له أجر الاجتهاد في ذلك. و لا إثم عليه فيما حُرِمَ من الإصابة كسائر المخطئين في اجتهادهم الذين أخبر رسول الله r أن لهم أجراً واحداً و للمصيب أجرين.

و لا عجب أعجب ممن يجيز الاجتهاد في الدماء و في الفروج و الأنساب و الشرائع و الأموال التي يدان الله بها من تحريم و تحليل و إيجاب، و يعذر المخطئين في ذلك!

و يرى ذلك مباحاً للّيث والبتي و أبي حنيفة و الثوري و مالك و الشافعي و أحمد و داود و إسحاق و أبي ثور و غيرهم كزفر و أبي يوسف و محمد بن الحسن بن زياد و ابن القاسم و أشهب و ابن الماجشون و المزني و غيرهم. فواحد من هؤلاء يبيح دم هذا الإنسان، و آخر منهم يحرمه –كمن حارب و لم يقتل أو عمل عمل قوم لوط. و غير هذا كثير. و واحد منهم يبيح هذا الفرج، و آخر منهم يحرمه، كبكر أنكحها أبوها و هي بالغة عاقلة بغير إذنها و لا رضاها. و غير هذا كثير. و كذلك في الشرائع و الأوامر و الأنساب. و هكذا فعلت المعتزلة بشيوخهم كواصل و عمرو و سائر شيوخهم و فقهائهم. و هكذا فعلت الخوارج بفقهائهم و مفتيهم. ثم يضيقون ذلك على من له الصحبة و الفضل و العلم و التقدم و الاجتهاد كمعاوية و عمرو و من معهما من الصحابة رضي الله عنهم. و إنما اجتهدوا في مسائل دماء كالتي اجتهد فيها المفتون.

و في المفتين من يرى قتل الساحر، و فيهم من لا يراه. و فيهم من يرى قتل الحر بالعبد، و فيهم من لا يراه. و فيهم من يرى قتل المؤمن بالكافر، و فيهم من لا يراه. فأي فرق بين هذه الاجتهادات و اجتهاد معاوية و عمرو و غيرهما، لولا الجهل و العمى و التخليط بغير علم؟!».

[48] قال أبو العباس: «و أما قتال صفين، فذكر أنه ليس معه فيه نص، و إنما هو رأي رآه. و كان أحياناً يحمد من لم يَرَ القتال». الفتاوى (4\284).

[49] القصة أخرجها ابن عساكر في تاريخه (59/140) بسندين إلى ابن أبي عروبة، و هو ثقة حافظ. و قد جمعت الروايتين في قصة واحدة. كما و أن ابن أبي الدنيا أورد الرواية الثانية في المنامات (رقم 124

sameh atiya
07-08-2006, 03:26 PM
يااااااااااااااه اخى فرعون طيبه 13 سنه ادرس فى الازهر الشريف
اقرا فى الكتب الدينيه لانى اعشقها واحب ان اعلم كل شىء عن دينى احب الصحابه كثيرا وان كان اقربهم الى قلبى على ابن ابى طالب كرم الله وجهه وعمر ابن الخطاب
الفاروق
كل هذذ السنين وانا افكر فى مقاتلة معاويه ابن ابى سفيان لسيدنا على ابن ابى طالب
واقول لنفسى يا ترى هل فعلا معاويه يريد السلطه ام ماذا من منهم المخطىء
ولكن دائما ما ارجح كفة على ابن ابى طالب ولكنى افكر مره اخرى والعديد من المرات
كى اصل الى حل اقرا كثيرا فى كتب الصحابه منها رجال حول الرسول
وكتاب الصحابه للشيخ محمود المصرى وكتب اخرى
ولكنى لم اصل الى اى حل ولكنى وبصراحه كنت احمل الضغينه فى قلبى من ناحية معاويه ابن ابى سفيان من اجل ما فعله هو وعمرو بن العاص
ولكنى الان بعد موضوعك هذا وكلامك المنطقى والادله الكثيره جعلتنى اقتنع تماما
بانه كان يسعى وراء قتلة سيدنا عثمان ابن عفان وانهما وان كانا يقتتلان فهماايضا فى الجنه لان كل منهما يقاتل ويعلم بانه على الصواب وانه يريد بان يقيم الحق
اخى معتز فطين جعلتنى اقرا وابحث فى كتب التاريخ لاصحح ما فى زاكرتى من التاريخ المزيف والان تجعلنى ابحث اكتر فى اى امر قد شغل بالى وبالذات للو كان الامر بتعلق بالدين الاسلامى وكل ما يخص الصحابه ومن حملوا اللواء بعده
اخى معتز اشكرك على تصحيح هذه المعلومه التى كم جعلتنى استريح كثيرا

أنفـــــال
07-08-2006, 07:45 PM
الموضوع دة هام جداً جداً ..
و جدير بالقراءة .. جداً .. جداً..
سأتابع معك يا فرعون طيبة ..
و جزاك الله خيراً
:f2:

ابن طيبة
08-08-2006, 09:28 AM
يااااااااااااااه اخى فرعون طيبه 13 سنه ادرس فى الازهر الشريف
اقرا فى الكتب الدينيه لانى اعشقها واحب ان اعلم كل شىء عن دينى احب الصحابه كثيرا وان كان اقربهم الى قلبى على ابن ابى طالب كرم الله وجهه وعمر ابن الخطاب
الفاروق
كل هذذ السنين وانا افكر فى مقاتلة معاويه ابن ابى سفيان لسيدنا على ابن ابى طالب
واقول لنفسى يا ترى هل فعلا معاويه يريد السلطه ام ماذا من منهم المخطىء
ولكن دائما ما ارجح كفة على ابن ابى طالب ولكنى افكر مره اخرى والعديد من المرات
كى اصل الى حل اقرا كثيرا فى كتب الصحابه منها رجال حول الرسول
وكتاب الصحابه للشيخ محمود المصرى وكتب اخرى
ولكنى لم اصل الى اى حل ولكنى وبصراحه كنت احمل الضغينه فى قلبى من ناحية معاويه ابن ابى سفيان من اجل ما فعله هو وعمرو بن العاص
ولكنى الان بعد موضوعك هذا وكلامك المنطقى والادله الكثيره جعلتنى اقتنع تماما
بانه كان يسعى وراء قتلة سيدنا عثمان ابن عفان وانهما وان كانا يقتتلان فهماايضا فى الجنه لان كل منهما يقاتل ويعلم بانه على الصواب وانه يريد بان يقيم الحق
اخى معتز فطين جعلتنى اقرا وابحث فى كتب التاريخ لاصحح ما فى زاكرتى من التاريخ المزيف والان تجعلنى ابحث اكتر فى اى امر قد شغل بالى وبالذات للو كان الامر بتعلق بالدين الاسلامى وكل ما يخص الصحابه ومن حملوا اللواء بعده
اخى معتز اشكرك على تصحيح هذه المعلومه التى كم جعلتنى استريح كثيرا

الاخ سامح الشكر الجزيل لك انت للمتابعة و الاهتمام و الرد لقد كنت مثلك اكن ضغينة لمعاوية برغم من انه من الصحابة الاجلاء الذين شهدوا بدرا و كذلك عمرو بن العاص الذي فتح الله علي يديه العديد من الامصار و البلدان و منها بلدنا مصر الذي انعم الله عليها بنعمة الاسلام
دمت بكل خير اخي الكريم

ابن طيبة
08-08-2006, 09:32 AM
الموضوع دة هام جداً جداً ..
و جدير بالقراءة .. جداً .. جداً..
سأتابع معك يا فرعون طيبة ..
و جزاك الله خيراً
:f2:

الاخت انفال شكرا لك مرورك الكريم و منتظر متابعتك لما سيلي من مداخلات لان بها من الغرائب و العجائب الشيء الكثير معظمنا كان يعتقد ان الامور التي سوف اتحدث عنها من البديهيات في التاريخ الاسلامي و لكن.......!!!!!!!
دمتي بكل خير اختي الفاضلة

ابن طيبة
08-08-2006, 08:39 PM
ما زلت مستمرا في عرض بعض ما لبس الفترة الانتقالية من انتقال الخلافة من الخلفاء الراشدين الي بني اميه و ما شاب هذه الفترة من لبس و غموض و اليوم سوف نتحدث عن موضوع ثار فيه الجدل حتي طال عنان السماء و هو


فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه و ارضاه

لم يكن لقتلة عثمان أية عصبية تجمعهم. بل لم يجمعهم إلا طمع بالدنيا أو كره للحق، و لو أن بعضهم كان ينقم على فضل قريش والأنصار، و يتطلع لنيل شيء من تلك السابقة. فهم غوغاء من الأمصار كما وصفهم الزبير t، و هم نزّاع القبائل كما تقول عائشة[1]. و هم حثالة الناس متفقون على الشر كما يصفهم ابن سعد[2]. و هم خوارج مفسدون و ضالون باغون كما ينعتهم ابن تيمية[3].

و كان عددهم ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف من أهل البصرة و الكوفة و مصر. و لم يجمعهم شيء إلا طاعة عبد الله بن سبأ اليهودي المعروف بإبن السوداء لعنه الله. و هو الذي أراد أن يخرب الإسلام كما فعل بولص اليهودي بالنصرانية. فحرض الناس على عثمان إما بإثارة الشبهات حوله، أو بشهودٍ زور على وِلاته، أو بكتبٍ مزورة و شهاداتٍ زائفة. فتجمّع معه هؤلاء الفُجّار، فذهبو إلى المدينة غِيلةً و هم يزعمون أنهم يريدون الحج، فلمّا وصلو داهمو المدينة و حاصرو عثمان و طلبو منه أن يعزل نفسه أو يقتلوه. و اغتنمو غيبة كثيرٍ من أهل المدينة في موسم الحج، و غيبتهم في الثغور و الأمصار، و لم يكن في المتبقين من أهل الدينة ما يقابل عدد الخوارج، فخشي عثمان إن قاتلهم أن تكون مجزرةٌ للصحابة بسببه.

فأشار المغيرة بن الأخنس على عثمان بخلع نفسه. فردَّ ابن عمر عليه، و نصح عثمان بأن لا يخلع نفسه، و قال له: «فلا أرى لك أن تخلع قميصاً قمّصكه الله، فتكون سُنة: كلما كره قوم خليفتهم أو أميرهم قتلوه»[4]. و بعد أن قطع عليه الفجرة الماء، دخل عليه عبد الله بن سبأ و ضربه فتشجّع القتلة[5]. فأخذ الغافقي حديدة و نزل بها على عثمان t فضربه بها و رَكَسَ المصحف برجله. فطار المصحف و استدار و رجع في حضن عثمان و سال الدم فنزل عند قوله تعالى: ]فـَسَــيَكفيكـَهُمُ الله[[6]، هنا أرادت نائلة زوجة عثمان أن تحميه فرفع سودان السيف يريد أن يضرب عثمان، فوضعت يدها لتحميه فقطع أصابعها فولت صارخة تطلب النجدة، فضربها في مؤخرتها، و ضرب عثمان على كتفه فشقه. ثم نزل عليه بخنجر فضربه تسع ضربات و هو يقول: «ثلاثٌ لله، و سِتٌ لما في الصدور». ثم قام قتيرة فوقف عليه بالسيف، ثم اتكأ على السيف فأدخله في صدره. ثم قام أشقاهم و أخذ يقفز على صدره حتى كسّر أضلاعه. هنا قام غلمان عثمان بالدفاع عنه، و استطاعو أن يقتلو كلاً من سودان و قتيرة، لكن أهل الفتنة قتلو الغلمان جميعاً، و تركو جثثهم داخل الدار[7].

وهناك رواية أصح أخرجها الطبري في تاريخه[8] وابن سعد في طبقاته[9] قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم (بن علية، ثقة ثبت) عن إبن عون (ثقة ثبت) عن الحسن (البصري، ثقة ثبت) قال: أنبأني وثّاب –وكان فيمن أدركه عتق أمير المؤمنين عمر، وكان بين يدي عثمان، ورأيت بحلقه أثر طعنتين كأنهما كبتان طعنهما يومئذ يوم الدار، دار عثمان– قال: بعثني عثمان، فدعوت له الأشتر[10]، فجاء. –قال إبن عون أظنه قال: "فطرحت لأمير المؤمنين وسادة وله وسادة"–. فقال: «يا أشتر، ما يريد الناس مني؟». قال: «ثلاث ليس لك من إحداهن بد». قال: «ما هن؟». قال: «يخيرونك بين أن تخلع لهم أمرهم فتقول هذا أمركم فاختارو له من شئتم، وبين أن تقص من نفسك. فإن أبيت هاتين فإن القوم قاتلوك». قال: «أما من إحداهن بد؟». قال: «لا، ما من إحداهن بد». قال: «أما أن أخلع لهم أمرهم، فما كنت لأخلع سربالاً سربلنيه الله. والله لأن أقدم فتضرب عنقي، أحب إلي من أن أخلع أمة محمد بعضها على بعض. وأما أن أقص من نفسي، فو الله لقد علمت أن صاحِبيّ بين يديّ[11] قد كانا يُعاقبان. وما يقوم بُدٌّ في القصاص. وأما أن تقتلوني: فو الله لئن قتلتموني لا تتحابون بعدي أبداً، ولا تصلون بعدي جميعاً أبداً، ولا تقاتلون بعدي عدوّاً جميعاً أبداً». ثم قام فانطلق فمكثا. فقلنا لعل الناس. فجاء رويجل كأنه ذئب، فاطلع من باب ثم رجع. فجاء محمد بن أبي بكر[12] في ثلاثة عشر رجلاً حتى انتهى إلى عثمان، فأخذ بلحيته. فقال بها حتى سمع وقع أضراسه. فقال: «ما أغنى معاوية. ما أغنى عنك ابن عامر. ما أغنت كتبك». فقال: «أرسل لي لحيتي يا ابن أخي. أرسل لي لحيتي يا ابن أخي». قال (وثاب): فأنا رأيت استعداء رجل من القوم يعينه[13]، فقام إليه[14] بمشقص حتى وجأ به في رأسه. ثم تغاوو والله عليه حتى قتلوه رحمه الله.

هذه هي الرواية المشهورة، وهناك روايات أخرى تثبت أن عبد الله بن سبأ قد خنق عثمان t وظن أنه قد قتله، قبل أن يطعنه باقي القتلة. إذ أن المنافقين كانو مترددين في قتله مهابة منهم له رضوان الله عليه. لكن الشخص الذي زور خطابًا على لسان عثمان t إلى عامله على مصر بقتل و صلب وفد مصر، و زوّر خطاباً على لسان علي t إلى وفد مصر يأمرهم بالعودة إلى المدينة. إن هذا الشخص الذي مزق الحقد أحشاءه، ما كان ليرضى بضياع ثمرة جهوده –وهي قتل عثمان– بعد أن أصبح بينه و بين هدفه مسافة قريبة. لذا فإن هذا التردد الذي أصاب المنافقين حين دخلو على عثمان t، ما كان ليرضي اليهودي ابن السوداء (عبد اللّه بن سبأ المسمي نفسه جبلة) الذي كان من ضمن الجيش القادم من مصر. فتقدم بنفسه لقتل عثمان رضوان الله عليه.

أورد ابن حجر من طريق كنانة مولى صفية بنت حيي قال: «قد خرج من الدار أربعة نفر من قريش مضروبين محمولين، كانو يدرؤون عن عثمان». فذكر الحسن بن علي و عبد الله بن الزبير و ابن حاطب و مروان بن الحكم. قلت: «فهل تدمّى (أي تلطخ و تلوث) محمد بن أبي بكر من دمه بشيء؟». قال: «معاذ الله! دخل عليه فقال له عثمان: لست بصاحبي. و كلمه بكلام فخرج و لم يرز (أي لم يُصِب) من دمه بشيء». قلت: «فمن قتله؟». قال: «رجل من أهل مصر يقال له جبلة[15]، فجعل يقول: «أنا قاتل نعثل[16]» (يقصد عثمان). قلت: «فأين عثمان يومئذ؟». قال: «في الدار»[17]. و قال كنانة كذلك: «رأيت قاتل عثمان في الدار رجلاً أسود من أهل مصر يقال له جبلة، باسط يديه، يقول: أنا قاتل نعثل»[18]. و عن أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري قال: «دخل عليه رجل من بني سدوس يقال له الموت الأسود، فخنقه. و خنقه قبل أن يضرب بالسيف، فقال: و الله ما رأيت شيئاً ألين من خناقه، لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل الجان[19] تردد في جسده»[20].

و اعلم –رعاك الله– أن كلّ من اشترك في حصار عثمان أو حرّض القتلة عليه بغرض قتله أو ظاهرهم و كثّر جمعهم، فإنه مجرم قاتِل، و حكمه أن يـُقتل قصَاصَاً، و رسول الله r يقول «من شَرَكَ في دمٍ حرامٍ بشطر كلمة، جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيسٌ من رحمة الله»[21]. فهذا من شارك بنصف كلمة، فما بالك بمن ساهم بالقتل؟

و كذلك قوله r عن طريق معاوية: «كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلا الرَّجُلُ يَمُوتُ كَافِرًا أَوِ الرَّجُلُ يَقْتُلُ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا»[22]، وجاء من طريق أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قوله r: «لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَ أَهْلَ الأَرْضِ اشْتَرَكُو فِي دَمِ مُؤْمِنٍ، لأَكَبَّهُمُ اللهُ فِي النَّارِ». لذا فقد كان ابن عباس يرى أنه ليس لقاتل النفس المؤمنة من توبة، كما رواه مسلم «عَنْ سَعِيدِ ابْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ أَلِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَتَلَوْتُ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ ]وَ الذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ[ إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قَالَ: هَذِهِ آيَةٌ مَكِّيَّةٌ نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ ]وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيها وَ غَضِبَ اللهُ عَليهِ وَ لَعَنهُ و أعدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً[»[23].

و سئل ابن عباس عمن قتل مؤمناً متعمداً، ثم تاب و آمن و عمل صالحاً ثم اهتدى. فقال ابن عباس: «وَ أَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ؟! سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ r يَقُولُ: "يَجِيءُ مُتَعَلِّقًا بِالْقَاتِلِ تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، يَقُولُ: أيْ ربِّ سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي". وَ اللهِ لَقَدْ أَنْزَلَهَا الله ثم مَا نَسَخَهَا»[24]. وفي الحديث الصحيح: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا، أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ»[25].

و كان مقتل عثمان في سنة 35 بعد الهجرة، ثم تلتها فتنٌ عظيمة، كما تنبئ بذلك رسول الله بقوله: «تَدُورُ رَحَى الإِسْلامِ لِخَمْسٍ وَ ثَلاثِينَ، أَوْ سِتٍّ وَ ثَلاثِينَ، أَوْ سَبْعٍ وَ ثَلاثِينَ»[26]. و قد ثبت يقيناً أن أحداً من الصحابة لم يرض بما حلّ لعثمان ، فضلاً أن يكون قد أعان على قتله. فقد ثبت عن الحسن البصري رحمه الله –و هو شاهد عيان كان عمره وقتها أربع عشرة سنة– عندما سُئِل «أكان فيمن قتل عثمان أحد من المهاجرين و الأنصار؟». فقال: «لا! كانو أعلاجاً من أهل مصر»[27]. و كذلك الثابت الصحيح عن قيس بن أبي حازم أن الذين قتلو عثمان ليس فيهم من الصحابة أحد[28]. و لكن عثمان أمرهم بعدم القتال و شدّد عليهم في ذلك.

و سبب منع عثمان الصحابة من قتال أتباع إبن سبأ، فلعمه بأنه مقتول مظلوم، لا شك فيه. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلمه: «إنك تقتل مظلوماً فاصبر»، فقال: «أصبر». فلما أحاطو به علم أنه مقتول، و أن الذي قاله النبي له حق كما قال، لا بد من أن يكون. ثم عَلِم أنه قد وعده من نفسه الصبر، فصبر كما وعد. و كان عنده: أن من طلب الانتصار لنفسه و الذب عنها، فليس هذا بصابر إذ وعد من نفسه الصبر، فهذا وجه.

و وجه آخر: و هو أنه قد علم أن في الصحابة –رضي الله عنهم– قلة عدد، و أن الذين يريدون قتله كثيرٌ عددهم. فلو أذن لهم بالحرب لم يأمن أن يتلف من صحابة نبيه بسببه، فوقاهم بنفسه إشفاقاً منه عليهم. لأنه راعٍ، و الراعي واجب عليه أن يحوط رعيته بكل ما أمكنه. و مع ذلك فقد علم أنه مقتول فصانهم بنفسه، و هذا وجه.

و وجه آخر: هو أنه لما علم أنها فتنة، و أن الفتنة إذا سل فيها السيف لم يؤمن أن يقتل فيها من لا يستحق، فلم يختر لأصحابه أن يسلو في الفتنة السيف، و هذا إنما إشفاقاً منه عليهم هم، فصانهم عن جميع هذا[29]. و هكذا كانت أحوالهم في إصلاح دينهم بفساد دنياهم و نحن:

نـُرَقـِّعُ دُنيانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى و لا ما نرقـع

و انتقم الله لعثمان من قتلته شرّ انتقامٍ، و كفاه إياهم، فلم يمت منهم أحد ميتة طبيعية، إنما كلهم ماتو قتلاً. أخرج أحمد بإسناد صحيح عن عَمْرة بنت أرطأة العدوية قالت: «خرجتُ مع عائشة سنة قتل عثمان إلى مكة، فمررنا بالمدينة و رأينا المصحف الذي قـُتِل و هو في حُجره. فكانت أول قطرة من دمه على هذه الآية]فـَسَــيَكفيكـَهُمُ الله[[30]. قالت عمرة: فما مات منهم رجل سوياً»[31].

و عن ابن سيرين قال: كنت أطوف بالكعبة فإذا رجل يقول: «اللهم اغفر لي، و ما أظن أن تغفر لي!». قلت: «يا عبد الله. ما سمعت أحداً يقول ما تقول!». قال: «كنت أعطيت الله عهداً إن قدرت أن ألطم وجه عثمان إلا لطمته. فلما قتل و وضع على سريره في البيت، و الناس يجيئون فيصلون عليه، فدخلت كأني أصلي عليه، فوجدت خلوة، فرفعت الثوب عن وجهه فلطمت وجهه و سجيته و قد يبست يميني». قال محمد بن سيرين: «رأيتها يابسة كأنها عود»[32].

و عن قتادة أن رجلاً من بني سدوس قال: كنت فيمن قتل عثمان، فما منهم رجل إلا أصابته عقوبة غيري. قال قتادة: «فما مات حتى عَمي»[33]. و قال الحسن البصري (و هو شاهد على ذلك الحادث): «ما علمت أحداً أشرك في دم عثمان t و لا أعان عليه، إلا قـُـتِـل». و في رواية أخرى: «لم يدع الله الفَسَـقة (قتلة عثمان)، حتى قتلهم بكل أرض»[34].

]أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ؟ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِه!ِ[[35]. ليتنا جميعاً نكون كخيري ابني آدم القائل: ]لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي، مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ، إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ[[36]. فكن عبد الله المقتول، و لا تكن عبد الله القاتل[37].



[1] انظر: الطبري (4/461-462).

[2] في طبقاته (3/71).

[3] في منهاج السنة (6/297).

[4] طبقات ابن سعد (3/66) بإسناد صحيح و رجاله رجال الشيخين، و تاريخ خليفة (ص170) بإسناد حسن.

[5] قال الذهبي في تاريخ الإسلام (ص481) أنه قتل و هو ابن اثنتين و ثمانين سنة. و هو الصحيح.

[6] (البقرة:138).

[7] إنظر هذا الخبر في تاريخ الطبري (4/412).

[8] (2\664).

[9] (3\72).

[10] من زعماء المجرمين القتلة.

[11] يقصد أبا بكر وعمر.

[12] ولا بد من التنبيه هنا إلى أن محمد بن أبي بكر لا تثبت له صحبة، إذ أن رسول الله r قد توفي وهذا طفل رضيع. ومعلومٌ أن الصحبة تثبت بالرؤية لكن بشرط الإدراك، وهو لا يكون قبل خمس سنين. ثم توفي أبو بكر وكان ابنه محمد طفلاً، فلم ينشأ في بيت أبيه.

[13] وأظن هذا الرجل هو ابن سبأ اليهودي كما سنرى. وتأمل كيف أنه رجل غريب عن المدينة لا يكاد يعرفه أحد.

[14] ابن سبأ هو الذي طعن.

[15] جبلة: الغليظ. (ابن منظور: لسان العرب 11/98).

[16] نعثل: رجل من أهل مصر كان طويل اللحية، قيل: إنه كان يشبه عثمان، و شاتمو عثمان t يسمونه نعثلاً تشبيهاً بذلك الرجل المصري. (ابن منظور: لسان العرب 11/670).

[17] المطالب العالية لابن حجر (4/292-293) و عزاه لابن إسحاق، و الاستيعاب لابن عبد البر (3/1044-1045) و (3/1367). و إسناده حسن.

[18] ابن سعد: الطبقات 3/83،84. و رجال إسناده ثقات.

[19] الجان: نوع من الحيات، خفيف الحركة، دقيق الشكل. (ابن منظور: لسان العرب 13/97).

[20] خليفة بن خياط: التاريخ 174. و رجال إسناده ثقات.

[21] رواه الطبراني في الكبير (11/79) عن طريق ابن عباس، ورواه غيره عن طريق أبي هريرة بلفظ (من أعان على قتل مؤمن..) وقد رواه بهذا اللفظ البيهقي في السنن الكبرى (8/22) وأبو يعلى في مسنده (10/306)، وابن ماجه في سننه (2/874). و قد حكم الألباني عليه عن أبي هريرة بالضعف. ضعيف إبن ماجة (ص 209) رقم (571).

[22] الحديث أخرجه أبو داود و النسائي و أحمد و الحاكم و صححه و لم يتعقبه الذهبي و صححه السيوطي أيضاً. و صحّحه الألباني في كتاب "غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام" (ص 254) برقم (441).

[23] أخرج البخاري و مسلم في صحيحيهما الكثير من الآثار في هذا المعنى، فانظره.

[24] رواه النسائي، و عند ابن ماجة «و أنى له الهدى» مكان «التوبة».

[25] رواه الترمذي و النسائي و ابن ماجة. و صحّحه الألباني في صحيح بن ماجة (2\92) برقم (2121)، و كذلك في غاية المرام (ص253) برقم (439)، و التعليق الرغيب (3\202).

[26] أخرجه أبو داود و أحمد، و صحّحه الألباني في السلسلة الصحيحة (2\667) برقم (976)، و كذلك في صحيح أبي داود (3\801) برقم (3578). ومدار الحديث على البراء بن ناجية، فانظر الخلاف فيه في ترجمته.

[27] تاريخ خليفة (ص 176) بسند صحيح. وهذا لا ينقض أن منهم محمد بن أبي بكر كما زعم بعض من شغب علينا. فإن هذا الأخير ليس من المهاجرين ولا من الأنصار ولا حتى من الصحابة أصلاً. وكان الحسن البصري لا يسميه إلا الفاسق، كما روى ابن سعد في الطبقات بإسناد صحيح. بل روى الخلال بإسناده، عن ربيع بن مسلم، قال: سمعت الحسن بن أبي الحسن يقول: العنوا قتلة عثمان، فيقال له: قتله محمد بن أبي بكر، فيقول: «العنوا قتلة عثمان، قتله من قتله».

[28] أخرجه ابن عساكر في تاريخه، ترجمة عثمان (ص408).

[29] إنظر كلام الإمام الآجري في كتاب الشريعة (4/1981-1983) عن موقف الصحابة في المدينة من حصار المنافقين لعثمان t. و كذلك ما قاله ابن كثير في البداية والنهاية (7/197-198).

[30] (البقرة:138).

[31] إنظر: فضائل الصحابة (1/501) بإسناد صحيح. و أخرجه أيضاً في الزهد (ص127-128).

[32] تاريخ دمشق لابن عساكر (39/446-447).

[33] أنساب الأشراف للبلاذري (5/102).

[34] تاريخ المدينة المنورة لابن شبّة (4/1252).

[35] (الزمر:36).

[36] (المائدة:28).

[37] أصل هذا القول حديث ضعيف في مسند أحمد (5\110)، و لكنه صحيح في حالة الفتنة لشواهد كثيرة.
شكرا لجميع الاخوة لاهتمامهم بالموضوع الذي يذهر من المشاركات في الموضوع
الاخت انفال شكرا لك المتابعة
الاخ سامح شكرا لك المتابعة

قلب مصر
14-08-2006, 12:11 AM
فرعون طيبة

موضوع دسم مررت عليه فى عجالة ولم يأخذ حقه منى فى القراءة

هذا ليس إلا تسجيل حضور وتثبيت للموضوع

ولى عودة للمناقشة مرة أخرى بعد قراءة الموضوع بتأنى لأن ما قرأته من كتابتك فى هذا الموضوع يستحق أن يناقش بتأنى

إلى اللقاء .................

ابن طيبة
14-08-2006, 12:05 PM
فرعون طيبة

موضوع دسم مررت عليه فى عجالة ولم يأخذ حقه منى فى القراءة

هذا ليس إلا تسجيل حضور وتثبيت للموضوع

ولى عودة للمناقشة مرة أخرى بعد قراءة الموضوع بتأنى لأن ما قرأته من كتابتك فى هذا الموضوع يستحق أن يناقش بتأنى

إلى اللقاء .................

الاخت قلب مصر اخير احسست انني قدمت شيئا مفيدا للمنتدي شكرا لك علي تثبيت الموضوع لانك استشعرتي اهميته و هو احساس في محله
و منتظر عودتك للمناقشة
دمتي بكل خير اختي الفاضلة

طارق المملوك
17-08-2006, 05:06 PM
اخى العزيز معتز
مر وقت طويل لم استمتع فيه بالقراءة مثلما استمتعت اليوم بالاسلوب المرتب و اللغة الجميله و دقة التعبير و مباشرة الوصول للمغزى
موضوع مدقق شامل و مقتنع اقترح على كل الاصدقاء فعل ما فعلته وهو ارسال رابطه الى كل معارفهم و اصدقائهم حتى يعرفوا حقيقة الوقت الصعيب و الفتنة الاولى بين المسلمين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و سلم
طوال عمرى ادافع عن صحابى من كتبة الوحى اعتقد انه ظلم كثيرا فقد لوقوفه ضد الامام على كرم الله وجهه
وكنت بالفطرة و الاحساس و بعض الشواهد القليله مما ورد بهذا الموضوع ابرء الاثنين من قصد الفتنة واليوم بعد هذا الموضوع الرائع ايقنت ان قلب المؤمن عندما يستفتى فانه يبوح بالحقيقة
اشكرك اخى العزيز على المعلومات و الموضوع الهادف الجميل
جزاك الله عنا كل الخير و جعله فى ميزان حسناتك
دمت بكل الخير

ابن طيبة
17-08-2006, 07:31 PM
اخي الفاضل طارق المملوك المؤمن كيس فطن و الحمد لله ان وهبك المولي جل وعلي الصفتين فاستشعرت بقلبك ما لم يستصيغه عقلك و نحمد الله عز وجل علي الايمان ارجو ان تتابع اخي الكريم حتي النهايه لان الموضوع فيه من الامور الغريبة الكثير
دمت بكل خير اخي الكريم

ابن طيبة
17-08-2006, 07:37 PM
مازلت اخوتي الكرام مستمرا بعرض ما شاب المرحلة الانتقالية من حكم الخلفاء الراشدين الي حكم بني اميه من لبس و غموض و سوف نعرض هنا لموقعة صفين مستكملين بذلك قصة سيدنا علي كرم الله وجهه و سيدنا معاويه رضي الله عنه لننهي بذلك الظلم و الافتراء الذي شاب هذه الفترة و ارجو من المولي جل و علي ان اكون قد اصبت و ان اكن اخطات فليغفر لي من يغفر الذنوب جميعا الا ان يشرك به
معركة صفين

كانت معركة صفين صراعَ عصبية (و ليس صراع مذهب) حيث برز بوضوح تفوق عصبية أهل الشام و بنو أمية على أهل العراقَين عراق العرب و عراق العجم.

فجيش العراق كان تحت قيادة أمير المؤمنين علي و هو القائد المغوار العارف بالحرب، و قد أمّره رسول الله مرة على إحدى جيوش المسلمين في خيبر. و كان من قادته الأشتر النخعي من أشجع صناديد العرب و فرسانهم، و كان من قتلة عثمان. و كان جيشه أكبر من جيش الشام و يقدر بحوالي مئة ألف[1]، لكن فيهم العجم و الموالي و الأعراب و العصاة، و فيهم من بقي من قتلة عثمان. و كان ذلك الجيش مفرقاً لا تجمعه عصبية، بل يغلب عليه عصائب مفرقة متناحرة. و رغم أن علياً كان يحكم كل بلاد المسلمين عدا الشام، أي فارس و خرسان و الجزيرة و اليمن و العراق و مصر، إلا أن غالب جيشه كان من عصائب أهل العراق. و قد عاب عليه معاوية أن المهاجرين و الأنصار لم يكن منهم في جيشه إلا النذر اليسير. و لكن كان في جيشه من الصحابة أكثر مما كان في جيش معاوية.

و جيش الشام كان تحت قيادة معاوية بن أبي سفيان. و كان معه عمرو بن العاص العارف بالحرب، و قد أمّره رسول الله مرة على إحدى جيوش المسلمين في ذات السلاسل و فيهم أبو بكر و عمر . و كان جيشاً منظماً شديد الانضباط، حتى قال معاوية: «و الله ما أصبت الشام إلا بالطاعة»[2]. و كان جيشاً ذا عصبية قوية رغم قلة عدده[3]، فاستطاع أن يصمد أمام جيش جرار يقارب ضعفه.

بدأت مناوشات كثيرة بين الجيشين، ثم أرسل علي إلى معاوية و قال له: «هل لك إلى أن نتهادن شهراً، و أن لا يحدث فيه قتال، لعل أن نتفاوض و نتفاهم؟». و كان الأمل في الصلح يحدو الجميع، حيث إن علياً غير راغب في القتال أصلاً، فهو يريد أن يؤخر القتال قدر المستطاع و كذلك معاوية، فلم يكد يعرض عليه علي هذا الأمر حتى بادر معاوية بالموافقة على إيقاف القتال في شهر المحرم. فتوقف القتال تماماً و الجيشان في أماكنهما يتزاورون و يتسامرون في الليل. و لا غرابة في ذلك لأنه لم تكن بين الجيشين أحقاد، بل كان كل طرف ينافح عما يعتقده حقاً، و لأنهم كانو أهلاً من نفس القبائل و العشائر[4].

و انتهت الهدنة، فأمر علي جيشه بهجوم شديد عنيف[5]. و قد التزم كلٌ من الطرفين بأحكام قتال البغاة. قال أبو أمامة: «شهدت صفين، فكانو لا يجهزون على جريح، و لا يطلبون مُوَلّياً و لا يسلبون قتيلاً»[6]. و لم يكن الطرفان يكفّر بعضهما، لكن بعض الجند المتحمسين في جيش علي t كانو يلعنون و يكفرون الشاميين، فلا يلقى من قادته إلا النَّهْر و التّوبيخ[7]. و قال رجل يوم صفين: «اللهم العن أهل الشام». فقال علي: «لا تسب أهل الشام جمّاً غفيراً، فإن بها الأبدال، فإن بها الأبدال، فإن بها الأبدال»[8].

و احتدمت المعركة بضراوة شديدة حتى قـُتِل من الطرفين مقتلة عظيمة دون أن يتراجع أحد لأن كل طرف يظن أنه على حق، حتى قال الشعبي عن أهل صفين: «هم أهل الجنة، لقي بعضهم بعضاً فلم يفِرّ أحدٌ من أحد». و هذا مصداق لحديث رسول الله r الثابت بالصحيحين «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان يقتل بينهما مقتلة عظيمة، و دعواهما واحدة». فلما قتل عمار بن ياسر t على يد أحد من جيش الشام، ارتاع عمرو بن العاص t لعلمه أنه تقتله الفئة الباغية كما جاء في الحديث الصحيح[9]، فاقترح على معاوية التحكيم فرضي بذلك. فأرسل معاوية رجلاً يحمل المصحف إلى علي و يقول: «بيننا و بينكم كتاب الله». فقال علي: «أنا أولى بذلك. بيننا كتاب الله». و توقف القتال و انسحب الفريقان.

و قد قتل من الفريقين فيما ذكره غير واحد سبعون ألفاً: خمسة و أربعون ألفاً من أهل الشام، و خمسة وعشرون ألفاً من أهل العراق[10]. كما قال رسول الله r: «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان دعوتهما واحدة. فبينما هم كذلك، مرق منهما مارقة، تقتلهم أولى الطائفتين بالحق»[11]. قال الحافظ بن كثير: «فهذا الحديث من دلائل النبوة إذ قد وقع الأمر طبق ما أخبر به عليه الصلاة والسلام. و فيه الحكم بإسلام الطائفتين أهل الشام و أهل العراق لا كما يزعمه فرقة الرافضة و الجهلة الطـِّغام من تكفيرهم أهل الشام. و فيه أن أصحاب علي أدنى الطائفتين إلى الحق، و هذا هو مذهب أهل السنة و الجماعة: أن عليا هو المصيب، و إن كان معاوية مجتهداً و هو مأجور إن شاء الله. و لكن علي هو الإمام فله أجران، كما ثبت في صحيح البخاري من حديث عمرو بن العاص أن رسول الله r قال: إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَ إِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ».

فلم يُكفِّر علي t معاوية t و لا من من معه من أهل الشام أيضاً. فقد سئل علي عن قتال يوم صفين فقال: «قتلانا و قتلاهم في الجنة، و يصير الأمر إليّ و إلى معاوية»[12]. و كان علي إذا أتي بأسير يوم صفين أخذ دابته و سلاحه و أخذ عليه أن لا يعود و خلّى سبيله. و عن يزيد بن بلال قال: شهدت مع علي صفين فكان إذا أتي بالأسير قال: «لن أقتلك صبراً؛ إنّي أخاف الله رب العالمين»، و كان يأخذ سلاحه و يحلفه لا يقاتله و يعطيه أربعة دراهم. و يصف سالم بن عبيد الأشجعي –و هو صحابي شهد المعركة– موقف علي فيقول: «رأيت علياً بعد صفين و هو أخذ بيدي، و نحن نمشي في القتلى. فجعل علي يستغفر لهم حتى بلغ أهل الشام. فقلت له: «يا أمير المؤمنين إنّا في أصحاب معاوية!». فقال علي: «إنما الحساب عليّ و على معاوية»[13]. أي أنه يرى نفسه و معاوية مسؤولـَين عمّا حدث، و هما يحاسَبان على ذلك.

و عن المسيب بن نجبة قال: «كان علي آخذا بيدي يوم صفين فوقف على قتلى أصحاب معاوية فقال: يرحمكم الله، ثم مال إلى قتلى أصحابه فترحم عليهم بمثل ما ترحم على أصحاب معاوية. فقلت: يا أمير المؤمنين استحللت دماءهم ثم تترحم عليهم؟ قال: إن الله تعالى جعل قتلنا إياهم كفارة لذنوبهم».

و كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب t يقول في ليالي صفين: «لله درّ مقام عبد الله بن عمر و سعد بن مالك –و هما ممن اعتزل الفتنة– إنْ كان برّاً إنّ أجره لعظيم، و إن كان إثماً إنّ خطره ليسير»، قال إبن تيمية: «و تواترت الآثار بكراهته الأحوال في آخر الأمر، و رؤيته اختلاف الناس و تفرّقهم، و كثرة الشر، الذي أوجب أنّه لو استقبل من أمره ما استدبر، ما فعل ما فعل»[14].

فلما رجع علي من صفين، عَلِمَ أنّه لا يَملكُ أبداً، فتكلّم بأشياء كان لا يتكلم بها، و حدّثَ بأحاديث كان لا يتحدث بها، فقال فيما يقول: «أيها الناس؛ لا تكرهو إمارة معاوية! و الله لو فقدتموه لرأيتم الرؤوس تندر[15] من كواهلها كالحنظل»[16].

و ما حصل من قتال بين علي و معاوية لم يكن يريده واحد منهما، بل كان في الجيش من أهل الأهواء من يحرص على القتال، الأمر الذي أدى إلى نشوب تلك المعركة الطاحنة، و خروج الأمر من يد علي و معاوية رضي الله عنهما[17]. و أكثر الذين كانو يختارون القتال من الطائفتين لم يكونو يطيعون لا علياً و لا معاوية. و كان علي و معاوية –رضي الله عنهما– أطلب لكف الدماء من أكثر المتقاتلين، لكن غـُلِبا فيما وقع. و الفتنة إذا ثارت، عجز الحكماء عن إطفاء نارها.

و لذلك رحّب كلاهما بمبدأ تحكيم كتاب الله في نزاعهم بينهم. و أما ما يدندن عليه بعض المؤرخين من أن علياً لم يكن راغباً لا في التحكيم و لا بحقن دماء المسلمين، فهذا كذب صريح عليه. بل الثابت الصحيح أن علياً t قبل الصلح من تلقاء نفسه. و كذلك إسطورة التحكيم التي حصلت فيما بعد في أن أبا موسى الأشعري خلع علياً كما يخلع خاتمه بينما رفض عَمْر بن العاص أن يخلع معاوية، و أن النتيجة كانت أن أعلن معاوية الخلافة، فهذا كلام ظاهر البطلان، و الروايات الصحيحة تردّه. و من المستغرب فعلاً أن يردّد المؤرخون في كتبهم مثل تلك الأساطير. فمعاوية لم يدَّع الخلافة إلا بعد تنازل له عنها الحسن بن علي[18]. يقول إبن تيمية: «معاوية لم يَدَّعِ الخلافة، و لم يُبايَع له بها، حتى قـُتِـل علي. فلم يُقاتل على أنه خليفة، و لا أنه يستحقها، و كان يُقرُّ بذلك لمن يسأله»[19].

و القصة الحقيقية لحادثة رفع المصاحف هي ما أخرجه الإمام أحمد عن أبي وائل قال: كنا بصفين. فلما استحر القتل بأهل الشام، اعتصمو بتل. فقال عمرو بن العاص لمعاوية: «أرسل إلى علي بمصحف و ادعه إلى كتاب الله، فإنه لن يأبى عليك». فجاء به رجل فقال: «بيننا و بينكم كتاب الله ]ألم تر إلى الذين أوتو نصيباً من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم و هم معرضون[[20]». فقال علي: «نعم. أنا أولى بذلك[21]. بيننا و بينكم كتاب الله». فجاءته الخوارج –و نحن ندعوهم يومئذ القراء– و سيوفهم على عواتقهم، فقالو: «يا أمير المؤمنين. ما تنتظر بهؤلاء القوم الذين على التل؟ ألا نمشي إليهم بسيوفنا حتى يحكم الله بيننا و بينهم؟»[22]. فأشار عليهم كبار الصحابة بمطاوعة علي و أن لا يخالف ما يشير به لكونه أعلم بالمصلحة. و ذكر لهم سهل بن حنيف t ما وقع لهم بالحديبية و أنهم رأو يومئذ أن يستمرو على القتال و يخالفو ما دُعُو إليه من الصلح، ثم ظهر أن الأصلح هو الذي كان شرع النبي r فيه[23].



[1] تاريخ خليفة (ص193) بسند حسن. و قد خرج هذا الجيش في بداية ذي الحجة من سنة (36هـ).

[2] البداية و النهاية.

[3] كان سبعين ألفاً على أصح الروايات. مصنف ابن أبي شيبة (15/295) بإسناد حسن.

[4] المنتظم لابن الجوزي (5/117-118).

[5] المنتظم لابن الجوزي (5/118).

[6] إرواء الغليل (8/114)، و المستدرك (2/155)، و البيهقي في سننه (8/182)، و طبقات ابن سعد (7/411).

[7] مصنف ابن أبي شيبة (15/294).

[8] حدثنا معمر عن الزهري عن عبد الله بن صفوان قال: قال رجل يوم صفين... الحديث. إنظر مصنف عبد الرزاق (11/249)، و الفتن لنعيم بن حماد (1\235). و كذلك أخرجه أحمد في فضائل الصحابة (2\905). حديث صحيح مرسل.

[9] كان كثير من أهل الشام يتأمّل أن ينضمّ عمار بن ياسر إليهم، أو على الأقل أن لا يكون قتله على يدِ أحدٍ منهم. و لذلك كان جنود الشام يفرُّون منه حتى لا يقتله أحد منهم.

[10] قدر محمد بن سيرين عدد القتلى في هذه المعركة بحوالي سبعين ألف رجل. كان منهم خمس و أربعين ألف شخص من جيش الشام، أي كان نصف الجيش قد فني فما قدِرو على عدّهم إلا بالقصب، وضعو على كل إنسان قصبة، ثم عدُّو القصب. الذهبي في تاريخ الإسلام - عهد الخلفاء الراشدين (ص545)، و معجم البلدان (3/414-415)، و مصنف ابن أبي شيبة (15/295) بإسناد حسن من مرسل ابن سيرين، و هو من أصح المراسيل. و تاريخ خليفة (ص194) مختصراً.

[11] رواه الثوري عن ابن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد. و له شواهد في الصحيحين و هو صحيح.

[12] المعجم الكبير للطبراني (19/307). و في رواية الذهبي: قال علي «قتلاي و قتلى معاوية في الجنة». سير أعلام النبلاء (3\144)

[13] مصنف ابن أبي شيبة (15/303)

[14] منهاج السنة (6/209).

[15] تندر: أي تسقط.

[16] قال إبن تيمية: «و قد رُوِيَ هذا عن علي –رضي الله عنه– من وجهين أو ثلاثة». منهاج السنة (6\209).

[17] أشراط الساعة ليوسف الوابل (ص103).

[18] هناك رواية مقطوعة في تاريخ الطبري (3\166) عن سعيد بن عبد العزيز قال: « كان علي عليه السلام يدعى بالعراق أمير المؤمنين، و كان معاوية يدعى بالشام الأمير. فلما قُتِل علي عليه السلام، دُعي معاوية أمير المؤمنين». فمن المحتمل جداً أن يكون معاوية دعى نفسه للخلافة في القدس بعد وفاة علي بن أبي طالب و قبل تنازل الحسن له عنها. و السؤال هنا: من كانت خلافته قبل: الحسن أم معاوية؟ فإن كانت خلافة معاوية أولاً بطلت خلافة الحسن. و إن كانت خلافة الحسن أولاً صحّت خلافة معاوية بعد أن تنازل الحسن له عنها فقط. و لم أقع على رواية صحيحة تحسم الموقف.

[19] مجموع الفتاوى ( 35/72).

[20] (آل عمران:23).

[21] أي بالإجابة إذا دعيت إلى العمل بكتاب الله لأنني واثق بأن الحق بيدي.

[22] إنظر تمام قول سهل بن حنيف t في مسند أحمد (3\485)، فقد اختصرته هنا.

[23] إنظر فتح الباري (8\588).

ابن طيبة
17-08-2006, 07:46 PM
و الان لنكمل ما حدث بين سيدنا علي كرم الله وجهه و ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها بعد مقتل ثالث الخلفاء الراشدين سيدنا عثملن بن عفان رضي الله عنه فيما عرف في التاريخ الاسلامي بموقعة الجمل

موقعة الجمل

بعدما قـُتِل عثمان، بايع الصحابة علياً يوم الجمعة سنة خمس و ثلاثين[1]. و عندما جاء المهاجرون و الأنصار لعليٍّ فقالو: «امدد يدك نبايعك»[2]، دفعهم. فعاودوه و دفعهم. ثم عاودوه فقال: «دعوني و التمسو غيري. و اعلمو أنِّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم. و إن تركتموني فأنا كأحدكم. و لعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم. و أنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً». و مشى إلى طلحة و الزبير فعرضها عليهما فقال: «من شاء منكما بايعته». فقالا: «لا. الناس بك أرضى». و أخيراً قال لهم: «فإن أبيتم فإنّ بيعتي لا تكون سرَّاً، و لا تكون إلا عن رضا المسلمين. و لكن أخرج إلى المسجد فمن شاء أن يبايعني فليبايعني»[3]. فبايعه جمع من الصحابة ممن كان في المدينة و منهم طلحة و الزّبير[4]. و رُغم أكثر الصحابة كانو قد تفرّقو بالأمصار ليعلمو الناس، فغياب البعض لا يطعن في خلافته بأي حال.

و على أية حال فلو كانت نظرية النص و التعيين –التي يزعمها الإمامية– ثابتة و معروفة لدى المسلمين، لم يكن يجوز للإمام أن يدفع الثوار و ينتظر كلمة المهاجرين و الأنصار متخلياً عن فرضٍ من فروض الله. كما لا يجوز له أن يقول: «أنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً» كما هو ثابت من أوثق كتبهم: نهج البلاغة[5]!

لما مضت أربعة أشهر على بيعة علي، خرج كل من طلحة و الزبير من المدينة بقصد العمرة، و كذلك خرج عبد الله بن عامر من البصرة و يعلي بن مُنْية من اليمن إلى مكة في أوقات مختلفة. و اجتمع طلحة و الزبير و يعلي و عبد الله بن عامر و عائشة –رضي الله عنهم أجمعين– بعد نظر طويل على الشخوص إلى البصرة من أجل الإصلاح بين الناس حين اضطرب أمرهم بعد مقتل عثمان t، و ليس من أجل المطالبة بدم عثمان، و دليل ذلك حديث الحوأب. ففي أثناء الطريق إلى البصرة مر الجيش ليلاً على منطقة يقال لها الحوأب، عند مياه بني عامر، فنبحت الكلاب، فقالت: أي ماء هذا؟ قالو: ماء الحوأب. قالت: ما أظنني إلا راجعة. فقال الزبير: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم. قالت إن رسول الله r قال لها ذات يوم: «كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب»[6]. و عن ابن عباس t قال: قال رسول الله r لنسائه: «ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، تخرج فتنبحها كلاب الحوأب. يُقتل عن يمينها و عن يسارها قتلى كثير، ثم تنجو بعد ما كادت»، أي بعدما كادت تـُقتل[7].

كان جيش مكة قد وصل خلال تلك الفترة إلى البصرة، فأرسل عثمان بن حنيف t –و هو والي البصرة من قبل علي– إليهم يستفسر عن سبب خروجهم فكان الجواب: «إن الغوغاء من أهل الأمصار و نزاع القبائل غزو حرم رسول الله r، و أحدثو فيه الأحداث، و آوو فيه المحدِثين، و استوجبو فيه لعنة الله و لعنة رسوله، مع ما نالو من قتل أمير المسلمين بلا ترة و لا عذر، فاستحلو الدم الحرام فسفكوه، و انتهبو المال الحرام، و أحلو البلد الحرام و الشهر الحرام. فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هؤلاء القوم، و ما فيه الناس وراءنا، و ما ينبغي لهم أن يأتو في إصلاح هذا. و قرأت ]لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس[».

لكن الأمور ساءت و خرجت عن حد السيطرة لعدة أمور، فنشب قتال بين جيش طلحة و الزبير و بين قتلة عثمان (الذين كانو من البصرة) و عشائرهم التي دافعت عنهم، و انهزم قتلة عثمان شر هزيمة، و سلّمتهم عشائرهم كلهم (إلا واحداً) للقصاص و كانو حوالي 600 رجل. و لكن هذه العملية تسببت في قتل الكثير من المسلمين الذين حاولو الدفاع عن القتلة لمجرد أنهم من عشائرهم. و هنا نجد أن تأثير العصبية القبلية الجاهلية قد عاد يقوى عند تلك القبائل التي أسلمت في آخر عهد الرسول r، ثم استقرت في الأمصار بعيدة عن مركز الدولة. و هذا هو السبب الذي دعى علياً لتأخير القصاص من قتلة عثمان، حتى تهدئ النفوس، و يوطد مركز الخلافة و يتقدم أولياء عثمان (أي معاوية و بقية بني أمية) بالدعوى عنده على معيّنين، فيحكم لهم بعد إقامة البيّنة عليهم، فلا يستطيع أحدٌ أن يدافع عنهم إذا ثبتت التهمة.

أما أن تكون المطالبة بذلك الشكل، فإنه يوتّر الموقف و سيؤدي لقتل الكثير من الأبرياء. فهنا أدرك علي خطورة الموقف، و ما يمكن أن يجر إليه الخلاف من تمزيق الدولة الإسلامية. فاستنفر أهل المدينة للخروج معه، فاجتمع معه حوالي سبعمئة رجل، و اعتزل أكثر الصحابة هذه الفتنة. فخرج علي من المدينة متجهاً إلى العراق و قد عسكر في الربذة حيث أضيف إلى جنده مائتا رجل فبلغو تسعمئة رجل[8]. و قد حاول الحسن بن علي ثني أبيه عن الذهاب إلى العراق و هو يبكي لما أصاب المسلمين من الفرقة و الاختلاف، لكن علياً رفض ذلك و أصر على الخروج[9]. و سيأتي معنا ندمه على ذلك.

و قد جاءت روايات لتبين أن علي خرج من المدينة في إثر أصحاب الجمل. و هذا الأمر لم يحدث، بل الصحيح أنه خرج من المدينة عاقداً العزم على التوجه إلى الكوفة ليكون قريباً من أهل الشام، و لم يخرج في أعقاب أصحاب الجمل[10]. فلمّا سمع بأنباء القلاقل التي حدثت في البصرة و أدت إلى خروج عامله عنها، قرّر تغيير وجهة السير. فأرسل رسولين لاستنفار الكوفيين، و هما محمد بن أبي بكر و محمد بن جعفر، فأخفقا في مهمتهما لأن أبا موسى الأشعري –والي الكوفة لعلي– التزم موقف اعتزال الفتنة و حذر الناس من المشاركة فيها[11]. ثم أرسل عبد الله بن عباس و أتبعه ابنه الحسن و عمار بن ياسر لاستنفار الكوفيين[12].

و روى البخاري في صحيحه: لما بعث علي عماراً و الحسن إلى الكوفة ليستنفرهم، خطب عمار فقال: إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا و الآخرة، ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها. و روى كذلك عن أبي مريم قال: لما سار طلحة و الزبير و عائشة إلى البصرة، بعث علي عمار بن ياسر و الحسن بن علي، فقدما إلى الكوفة فصعدا الْمِنْبَر. فقال عمار: «إِنَّ عَائِشَةَ قَدْ سَارَتْ إِلَى الْبَصْرَةِ. وَ وَ اللَّهِ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ r فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ابْتَلاَكُمْ لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هِيَ».

قال ابن هبيرة: «في هذا الحديث أن عماراً كان صادق اللهجة و كان لا تستخفه الخصوصية إلى أن ينتقص خصمه، فإنه شهد لعائشة بالفضل التام مع ما بينهما من حرب»[13]. و هنا يجدر التنبيه إلى أن كلام عمار t عن عائشة t مبني على عدم معرفة عمار بحقيقة خروج أصحاب الجمل، و هو أنهم قد خرجو للإصلاح بين الناس[14].

و إنما جعل الله هذه الفتنة ليري الناس أن المرأة مهما علا مركزها و بلغ تقواها و رجاحة عقلها فإنها لا تصلح للحكم. فقد روى البخاري: عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: «لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r أَيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ». قَالَ: «لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ r أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُو عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ: لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَ لَّو أَمْرَهُمُ امْرَأَةً»[15].

و في ذلك ردٌّ بليغ على من أجاز تولّي المرأة الولايات العامة، و حصر النهي بالخلافة. فإن عائشة t لم تتولّى أيّة ولاية، بل و لا حتى قيادة الجيش العسكرية، و لكن وجودها في الجيش كان العامل الأكثر تأثيراً على الناس لانضمامهم له[16]. و إذا انطبق هذا الحديث على أم المؤمنين عائشة t و هي خير نساء هذه الأمة و أفقههن و أحبهن إلى رسول الله r، فمن باب الأولى أن ينطبق على من هم أدنى منها. و من أفضل من أم المؤمنين عائشة t و هي أرجح نساء رسول الله r عقلاً و هي بنت الصديق التي نشأت في بيته؟ أخرج البخاري: «أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ r كَانَتْ لاَ تَسْمَعُ شَيْئًا لاَ تَعْرِفُهُ إِلاَ رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ». و أخرج أيضاً أن النَّبِيِّ r قَالَ: «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَام». و أخرج مسلم في صحيحه: عَنْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: «أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟». قَال:َ «عَائِشَةُ». قُلْتُ: «مِنَ الرِّجَالِ». قَالَ «أَبُوهَا». أي أبي بكر الصديق. قُلْتُ: «ثُمَّ مَنْ؟». قَالَ: «عُمَرُ».

على أية حال فقد قدم على علي وفد الكوفة بذي قار فقال لهم: «يا أهل الكوفة أنتم لقيتم ملوك العجم فعضضتم جموعهم، و قد دعوتكم لتشهدو معنا إخواننا من أهل البصرة. فإن رجعو فذاك الذي نريده، و إن أبو داويناهم بالرفق حتى يبدءونا بالظلم. و لن ندع أمراً فيه الإصلاح إلا آثرناه على ما فيه الفساد إن شاء الله تعالى»[17].

فسار الجيشين حتى التقيا، فاجتمع طلحة و الزبير و علي، فوضّح لهم وجهة نظره فاقتنعو بها، و قّررو ضمّ جيشهم إلى جيشه. فلمّا رآى ذلك، نادى في الناس أن لا يلحق بهم قتلة عثمان لأنه يريد أن يفتك بهم بعدما قوي جيشه. و اطمأنت نفوس الناس و سكنت، و اجتمع كل فريق بأصحابه من الجيشين، و رجعت عائشة إلى البصرة. فلمّا أمسو بعث علي عبد الله بن العباس إليهم، و بعثو إليه محمد بن طليحة السجاد و بات الناس بخير ليلة، و بات قتلة عثمان (و معهم عبد الله بن سبأ) بشرِّ ليلة، و باتو يتشاورون ثم أجمعو على أن يثيرو الحرب من الغلس. فنهضو قبل طلوع الفجر و هم قريب من ألفي رجل، فانصرف كل فريق إلى السيوف، و ثارت الفتنة. وقال جيش البصرة طرقتنا أهل الكوفة ليلاً و بيّتونا و غدرو بنا، و ظنو أن هذا عن تدبيرٍ و علمٍ من أصحاب علي. و بلغ الأمر علي فقال: ما للناس؟! فقالو بيتنا أهل البصرة. فثار كل فريق لسلاحه و لبسو اللاّمة و ركبو الخيول. و لم يدري أحد بسبب تلك الشرارة الشيطانية التي أشعلت النار بين الفريقين بعدما نامو تلك الليلة في خير حال.

و تبارز الفرسان و جالت الشجعان، فنشبت الحرب، و تواقف الفريقان، و كان أمر الله قدراً مقدوراً. وقامت الحرب على قدمٍ و ساق، و تبارز الفرسان، و قد اجتمع مع كل طرفٍ حوالي عشرة آلاف مقاتل[18]. فإنا لله و إنا إليه راجعون. و أصحاب ابن سبأ قبحه الله لا يفترون عن القتل، ومنادي علي ينادي: «ألا كفو ألا كفو».

هنا ذهب كعب بن سور بالخبر إلى أم المؤمنين بالبصرة، فقال لها: «أدركي الناس قد تقاتلو». فوضع لها الهودج فوق الجمل، فجلست فيه و غطي بالدروع، و ذهبت إلى أرض المعركة لعل أن يوقف الناس القتال عندما يشاهدونها. فلما وصلت، أعطت عائشة المصحف لكعب و قالت له: «خلِّ البعير و تقدم، و ارفع كتاب الله و ادعهم إليه». فشعر أهل الفتنة بأن القتال سيتوقف إذا تركو كعباً يفعل ما طُلب منه، فلما قام كعب و رفع المصحف و أخذ ينادي، تناولته النبال فقتلوه[19].

ثم أخذو بالضرب نحو الجمل، بغية قتل عائشة لكن الله نجاها، فأخذت تنادي: «أوقفو القتال»، و أخذ علي ينادي و هو من خلف الجيش: «أوقفو القتال»، و قادة الفتنة مستمرين. فقامت أم المؤمنين بالدعاء عليهم قائلة: «اللهم العن قتلة عثمان». فبدأ الجيش ينادي معها. و كان علي جالس في آخر جيشه يبكي ما أصاب المسلمين، فسمع ذلك فصار يلعن قتلة عثمان كذلك. فارتفعت أصوات الدعاء في المعسكرين بلعن قتلة عثمان، و قتلة عثمان مستمرين بالقتال[20]. ثم أخذو –لعنهم الله– يرشقون جمل أم المؤمنين بالنبال، و علي يصرخ فيهم أن كفو عن الجمل، لكنهم لا يطيعونه. فصار الجمل كالقنفذ من كثرة النبال التي علقت به[21].

ثم قال عبد الله بن بديل لعائشة: «يا أم المؤمنين. أتعلمين أني أتيتك عندما قتل عثمان، فقلتُ ما تأمريني، فقلتِ الزم علياً؟». فسكتت. فقال: «اعقرو الجمل». فعقروه. قال: «فنزلت أنا و أخوها محمد، و احتملنا الهودج حتى وضعناه بين يدي علي. فأمر به علي فأدخل في بيت عبد الله بن بديل»[22].

هنا علي t أصدر الأوامر بأن «لا تلحقو هارباً، و لا تأخذو سبياً». فثار أهل الفتنة و قالو: «تُحِلُّ لنا دمائهم، و لا تحل لنا نسائهم و أموالهم؟». فقال علي: «أيكم يريد عائشة في سهمه؟». فسكتو. فنادى: «لا تقتلو جريحاً، و لا تقتلو مُدبراً، و من أغلق بابه و ألقى سلاحه، فهو آمن»[23]. بعدها علي ذهب إلى بيت عبد الله بن بديل الخزاعي لزيارة عائشة و الاطمئنان عليها، فقال لها: «غفر الله لكِ»، قالت: «و لك. ما أردت إلا الإصلاح بين الناس»[24].

و الذي نريد أن نقوله هنا أن موقعة الجمل لم تعبر لا عن صراع مذهبي، و لا صراع عقائدي، و لا حتَّى صراع عصبي. و إنما كانت فتنة أراد كل طرف فيها أن يصل إلى الحق حسب مفهومه. لذلك قال الإمام الذهبي «قد عرف الجميع، العالم و الجاهل، ان طلحة والزبير و عائشة –رضي الله عنهم– لم يخرجو للقتال أبداً، و إنما وقع القتال بسبب ترامي غوغاء من الطرفين». فإن ما ينبغي أن يعلمه المسلم حول الفتن التي وقعت بين الصحابة –مع اجتهادهم فيها و تأوّلهم– حزنهم الشديد و ندمهم لما جرى، بل لم يخطر ببالهم أن الأمر سيصل إلى ما وصل إليه، و تأثّر بعضهم التأثر البالغ حين يبلغه مقتل أخيه، بل إن البعض لم يتصور أن الأمر سيصل إلى القتال.

و الحقيقة أن أغلب من شَهِدَ المعركة من الصحابة لم يشترك بالقتال فيها. فعلي بن أبي طالب t جلس وراء الجيش يبكي حال المسلمين. قال الحسن بن علي t: «لقد رأيت عليا يوم الجمل يلوذ بي وهو يقول: يا حسن! ليتني مت قبل هذا بعشرين سنة». وهذا الزبير بن العوام t يقول: «إنّ هذه لهي الفتنة التي كنّا نُحَدَّثُ عنها». فقال مولاه: «أتسمّيها فتنةٌ و تقاتل فيها؟!». قال: «ويحك، إنَّا نبصر و لا نبصر. ما كان أمر قط إلا علمت موضع قدميّ فيه، غير هذا الأمر، فإني لا أدري أمقبلٌ أنا فيه أم مدبر»[25].

و لمّا رآه علياً ناداه، فأقبل حتى التقت أعناق دوابهما فقال له علي: «أتذكر يوما أتانا رسول الله r و أنا أناجيك؟ فقال: أتناجيه! و الله ليقاتلنك يوماً و هو لك ظالم!» فتذكر الزبير ذلك الحديث، فضرب وجه دابته فانصرف، و عزم على العودة إلى المدينة. فعرض له ابنه عبد الله فقال: «مالك؟». قال: «ذكرّني علي حديثاً سمعته من رسول الله r و إني راجع»، فقال له ابنه: «و هل جئت للقتال؟! إنما جئت تصلح بين الناس، و يصلح الله هذا الأمر»[26]. لكنه بعد أن ابتعد على ساحة المعركة، لحق به أحد الأشقياء فقتله غدراً و هو يصلّي، ثم عاد إلى علي و هو يظن أنه يكافئه. لكن علي ذكر حديثاً سمعه من رسول الله r: «بَشِّرْ قَاتِلَ اِبْنِ صَفِيَّةَ بِالنَّارِ»[27]. فعلم ذلك الشقي أن علياً قاتله، فهرب، فلحقه المسلمون، فقتل نفسه و انتحر.

و كذلك طلحة t، لم يشارك بالقتال و إنما جلس في آخر الجيش يبكي على ما أصاب المسلمين، فأصابه سهمٌ غادر، فنزف حتى مات. قال الإمام الشعبي: «لمّا قُتِل طلحة و رآه علي مقتولاً، جعل –أي علي– يمسح التراب عن وجهه و يقول: عزيزٌ عليَّ أبا محمد أن أراك مُجدّلاً تحت نجوم السماء. ثم قال: إلى الله أشكو عجزي و بجري[28]. و بكى عليه هو و أصحابه، و قال: يا ليتني متُّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة»[29]. و هذه أم المؤمنين عائشة t، تقول: «إنما أريد أن يحجر بين الناس مكاني، و لم أحسب أن يكون بين الناس قتال، و لو علمت ذلك لم أقف ذلك الموقف أبداً»[30].

ثم انظر ما كان من حزن عليٍ t على طلحة و الزبير (رضي الله عنهما) و انظر إلى قوله: «فينا و اللّه أهل بدر نزلت هذه الآية: ]و َنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إخواناً على سرر متقابلين[»[31]. و سئل علي عن أهل الجمل قيل: «أمشركون هم؟». قال: «من الشرك فرو». قيل: «أمنافقون هم؟». قال: «إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً». قيل: «فما هم؟». قال: «إخواننا بغو علينا، فقاتلونا فقاتلناهم. و قد فاؤو، و قد قبلنا منهم». و على أية حال فالعدد الحقيقي لقتلى معركة الجمل كان ضئيلاً جداً، حيث كان كل فريق يدافع عن نفسه ليس إلا[32].



[1] طبقات ابن سعد (3/31). و قد ذكر المسعودي الشيعي: أن علياً بويع في اليوم الذي قتل فيه عثمان بن عفان t يعني البيعة الخاصة، ثم قال إنه بويع البيعة العامة بعد مقتل عثمان بأربعة أيام. مروج الذهب للمسعودي (ص358).

[2] لو كان في قلوب المهاجرين و الأنصار كره تجاه أهل البيت أو لو كانو مبغضين لعلي و مرتدين على أعقابهم كما تصوِّرهم كتب الشيعة، فلماذا يأتونه للمبايعة بعد عثمان وعندهم ابن عباس و غيره من كبار الصحابة؟!

[3] تاريخ الطبري (3\450).

[4] و أما ما يذكره الواقدي المتروك و أبو مخنف الكذاب من أنهما لم يبايعا فهذا كذب بيّنه ابن العربي في العواصم من القواصم (ص148). و هو مخالف للرويات الصحيحة عند الطبري في تاريخه (4/427–428) و (4/434)، و كذلك في فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/573)، و ما ذكره اليعقوبي في تاريخه (1/178)، و ابن سعد في الطبقات (3/31).

[5] كتاب نهج البلاغة )1/ص181-182(. شرح العلامة الشيعي الشريف المرتضى، طبعة بيروت. رقم الخطبة (91).

[6] السلسلة الصحيحة (1/846).

[7] السلسلة الصحيحة (1/853).

[8] تاريخ دمشق لابن عساكر (42/456).

[9] مصنف ابن أبي شيبة (15/99-100) بإسناد حسن، و ابن عساكر في تاريخ دمشق (42/456-457).

[10] إنظر حول هذا الموضوع مع نقد الروايات في ذلك: كتاب استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص183-184).

[11] سنن أبي داود (4/459-460) بإسناد حسن. و هذا الخبر يؤيده ما أخرجه البخاري في صحيحه (13/58).

[12] تاريخ الطبري ( 4/482) بسند صحيح إلى الزهري مرسلاً. و مراسيل الزهري ضعيفة لكن للقصة شاهد كما سنرى.

[13] فتح الباري (13/63).

[14] إنظر: استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص185). و الكتاب فيه شرح مفصّل لمسير الجيشين مع توضيح ذلك على الخارطة.

[15] "قوماً" لفظ عام، و "امرأة" لفظ عام. فيدخل فيه كل قوم ولو امرأة عليهم، فيسقط ادعاء من قال بتخصيص هذا الحديث للفرس.

[16] و الحقيقة أن من الجائز أن تتولى المرأة القضاء –كما نص الطبري–، و كذلك الولاية الصغرى كالحُسبة التجارية و غير ذلك كما في مذهب الإمام أبي حنيفة. فقد ذكر الإمام ابن حزم أن عمر بن الخطاب ولّى الصحابية أم سليمان الشفاء بنت عبد الله العدوية، مسؤولية الحسبة في أسواق المدينة. المُحلّى (9\ص429)، كتاب الشهادات، مسألة رقم (1804)، طبعة دار التراث ببيروت، بتحقيق أحمد محمود شاكر. وذكر ذلك أيضاً ابن عبد البر، و أضاف أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وَلَّى –أيضاً– سمراء بنت نهيك الأسدية على سوق مكة، وروي أنها أدركت الرسول r، وكانت سمراء تمر في الأسواق تمنع الغش التجاري، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتضرب على ذلك بسوط كان معها من كان يغش في البيع والكيل، وهذا المنصب هو ما يسمى في الشرع قضاء الحسبة. الاستيعاب (4\1863) و كذلك (4\1869)، و في الإصابة (7\728 124).

[17] البداية و النهاية لابن كثير (7/237).

[18] كان عدد جيش علي في أصح الروايات كما عند الطبري (4/506) من طريق محمد بن الحنفية تسعة آلاف و سبعمئة رجل تقريباً. و إذا علمنا أن الغلبة في معركة الجمل كانت لمعسكر علي t، فإنه من المرجح أن تعداد جيش أهل البصرة كان قريباً من تعداد جيش علي. إنظر: كتاب استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص213).

[19] الطبري (4/513) من طريق سيف بن عمر، و ابن عساكر في تاريخ دمشق (7/88).

[20] الطبري (4/513)، و مصنف ابن أبي شيبة (15/277)، و البيهقي في السنن الكبرى (8/181)، و الإمام أحمد في فضائل الصحابة (1/455) بإسناد صحيح.

[21] تاريخ الطبري (4/513،533) من طريق سيف بن عمر.

[22] أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/285) بسند صحيح. و يؤيده ما أخرجه الشافعي في الأم (4/308)، و أورده الحافظ في الفتح (13/62).

[23] البيهقي في السنن الكبرى (8/182)، و ابن أبي شيبة في المصنف (15/257) و (15/286) بإسناد صحيح.

[24] شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (1/206).

[25] فتح الباري (12/67).

[26] تاريخ دمشق (18/410)، و البداية و النهاية (7/242).

[27] صفية بنت عبد المطلب t عمة رسول الله r، و كانت هي أم الزبير t.

[28] أي همومي و أحزاني.

[29] تاريخ دمشق (25/115)، أسد الغابة لابن الأثير (3/88-89).

[30] مغازي الزهري (ص154).

[31] (الحجر:47).

[32] أورد خليفة بن خياط بياناً بأسماء من حفظ من قتلى يوم الجمل، فكانوا قريباً من المئة. تاريخ خليفة (ص187-190). إنظر حول هذا الموضوع كتاب: استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص214-215

ابن طيبة
17-08-2006, 07:55 PM
لنا عودة مع الفرق بين الشيعة و الرافضة
ثم قصة الغرانيق
دمتم بكل خير

ابن طيبة
22-08-2006, 03:27 PM
الفرق بين الشيعة و الرافضة

لا شكً أن هناك فرقاً شاسعاً ما بين لفظة شيعة و لفظة رافضة و لفظة إمامية أو إثني عشرية.

1- الشيعة في كتب المُحدِّثين: جماعة من الناس كانو مع علي خلافهم مع الطرف الأخر سياسي بحت. و هم مراتب في قوة خلافهم و حرارته مع مخالفيهم. ليس عند واحد منهم انحراف عقدي أو فقهي. لكن قد يكون بينهم من له ملاحظات قوية على عثمان رضي الله عنه. وليس فيهم من يمس الشيخين أو منزلتهما المقدمة على الجميع. و"قد" يرى بعض أولئك أن خلاف أهل الشام معهم خلاف سياسي المراد منهم المنازعة على الحكم، ومعاوية بذلك باغ. لكنّهم يقرون أنه لمّا استتب له الأمر و ذهب خصومه، أصبح خليفةً عادلاً صاحب جيش و فتوحات هي في صحيفة حسناته. فالتشيع بهذا المعنى وصف وفير في كتب السنة لكثير من الناس، و لا يعتبر ذماً. و من التفريط نبذ هذا الوصف و تركه لغيرنا، فإنه وصف سني!

فشريك بن عبد الله القاضي كان معروفاً بالتشيع. مع ذلك قال: «إحمِل (أي الحديث) عن كل من لقيت إلا الرافضة، فإنهم يضعون الحديث و يتخذونه ديناً»[1]. و الفرزدق (ت 116هـ) مثلاً كان يمدح أهل البيت كثيراً حتى أن عبد الملك سجنه مرة بسبب تحديه له في ذلك. و مع ذلك فهو يهجو السبئية، فيقول في قصيدة شهيرة له[2]:

كأن على دير الجماجم منهم حصائد أو أعجاز نخل تَقَعّرا

تَعَرّفُ همدانية ســــــــــــــــبـئـيـة وتُكره عينيها على ما تنكرا

رأته مع القتلى و غيّر بـعـلـهـا عليها تراب في دم قد تعفّرا

أراحوه من رأس وعينين كانتا بعيدن طرفا بالخيانة أحزرا

من الناكثين العهد من ســبئية و إما زبيري من الذئب أغدرا

و لو أنهم إذ نافقو كان منهم يهوديهم كانو بذلك أعذرا

2- الرافضة عند المحدِّثين: هم قوم كانو مثل الشيعة ثم زادو عليهم رفض الشيخين (أبي بكرٍ و عمر) و كثير أو بعض الصحابة الأوائل أصحاب السابقة. و رفض الشيخين يعني: إما بغضهما، أو أردى منه: شتمهما، و اعتقاد أن علياً كان صاحب الخلافة و أنهما سلباه إياها. و في تكفيرهم خلافٌ و الجمهور (بما فيهم أبي حنيفة و مالك و أحمد) على كفرهم.

3- الشيعة اليوم: تساوي الإثنا عشرية، أو الإمامية[3] (). و هؤلاء هم في الأصل رافضة أضافو لبدعتهم بدعاً كفريةً مثل القول بعصمة الأئمة و تقديمهم على الأنبياء و المرسلين، و اتهام أم المؤمنين عائشة t، و تكفير أو تفسيق عامة الصحابة، و القول بالرجعة و البداء. و هؤلاء ينعقد الإجماع على كفر من قال بمعتقداتهم[4]، بل إن بعض العلماء كفّر من توقّف في كفرهم.

إذاً فتسمية الإثني عشرية اليوم بالرافضة هي تسمية غير دقيقة، لأن هذا الاسم لا يصفهم بكافة أوصافهم، و يُدخل معهم غيرهم ممن لم يعتقد بعقائدهم الكفرية. و إنما أنبه إلى ذلك لأن الشيعة المعاصرين يستغلون خلط عوام السنة في هذه الاصطلاحات، فيتخذونها ذريعة لدعوتهم للتشيع.

و مع ذلك فإن هذا الغلو في الرفض و التشيع بدأ منذ الأيام الأولى على يد إبن سبأ اليهودي. فلذلك كان عليّ بن أبي طالب يحذّر الناس من هذا الفرقة التي تدعي حبّ أهل البيت زوراً، لتصل بالمسلمين للكفر و الإلحاد كما فعل بولص بالنصارى عندما أقنعهم بألوهية المسيح عيسى بن مريم. فيقول علي t في خطاب له للخوارج: «وَ سَيَهْلِكُ فِيَّ صِنْفَانِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِهِ الْحُبُّ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ، وَ مُبْغِضٌ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِهِ الْبُغْضُ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ. وَ خَيْرُ النَّاسِ فيَّ حَالاً، الَّنمَطُ الاََْوْسَطُ فَالْزَمُوهُ، وَ الْزَمُو السَّوَادَ الاََعْظَم فَإِنَّ يَدَ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَ إِيَّاكُمْ وَ الْفُرْقَةَ! فَإِنَّ الشَّاذَّ مِنَ النَّاسِ لِلشَّيْطَانِ، كَمَا أَنَّ الشَّاذَّةَ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْبِ»[5].

و الثابت تاريخياً عن السنة و الشيعة أن الناس على زمنه كانو ثلاثة فرق:

1- أهل السنة و الجماعة: و هم السَّواد الأعظم و الوسط الذين أحبو علياً t و لم يفرطو به.

2- الشيعة: و هم الفرقة الذين غلو في حب علي t حتى ذهب بهم الحب إلى غير الحق.

3- الخوارج: و هم الفرقة الذين أبغضو علياً t حتى ذهب بهم البغض إلى غير الحق.

فأثبت عليٌّ t هلاك الفرقتين الشيعة و الخوارج، و دعى لالتزام منهج أهل السنة و الجماعة، و لالتزام السواد الأعظم من المسلمين.

و الذي أسّس فرقة الشيعة الإمامية هو عبد الله بن سبأ بن وهب (الحميري أو الهمداني)[6] اليهودي المعروف بابن السوداء[7] لأن أمّه كانت عبدة حبشية سوداء، و كان لونه أسود أيضاً كان أسود اللون، و هو يهودي ماكر من أهل صنعاء. و كان بارعاً في تقمّص الشخصيات المختلفة و نسج المؤامرات بالخفاء، و قد أحاط نفسه بإطار من الغموض و السرية التامة حتى على معاصريه[8]. فهو لا يكاد يعرف له اسمٌ و لا بلد، لأنه لم يدخل في الإسلام إلا للكيد له، و حياكة المؤامرات و الفتن بين صفوف المسلمين. و يُجمِع المؤرخون على أنه أول من دعى للرفض و الغلو بالتشيع و لعن الشيخين و القول بالرجعة بل بألوهية علي بن أبي طالب.

و قد اعترف بهذا كبار الشيعة و مؤرخوهم. فهذا هو الكشي[9] يقول ذلك في كتابه "الرجال": «و ذكر بعض أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم، و والى علياً (ع). و كان يقول و هو على يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى بالغلو، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله r في علي مثل ذلك. و كان أول من أشهر القول بفرض إمامة علي، و أظهر البراءة من أعدائه و كاشف مخالفيه، و كفّرهم. و من هنا قال من خالف الشيعة، إن التشيع، و الرفض، مأخوذ من اليهودية»[10]. و نقل المامقاني –إمام الجرح و التعديل– مثل هذا عن الكشي[11].

و يقول النوبختي[12] الإمامي في كتابه "فرق الشيعة": «عبد الله بن سبأ كان ممن أظهر الطعن على أبي بكر، و عمر، و عثمان، و الصحابة، و تبرأ منهم، و قال إن علياً (ع) أمره بذلك. فأخذه علي، فسأله عن قوله هذا، فأقر به، فأمر بقتله. فصاح الناس إليه: "يا أمير المؤمنين! أتقتل رجلاً يدعو إلى حبكم، أهل البيت، و إلى ولايتكم، و البراءة من أعدائكم؟". فسيره (علي) إلى المدائن (عاصمة فارس آنذاك)[13]. و حكى جماعة من أهل العلم من أصحاب علي (ع)، إن عبد الله بن سبأ كان يهودياً فأسلم، و والى علياً (ع). و كان يقول و هو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى u بهذه المقالة، فقال في إسلامه بعد وفاة النبي r في علي (ع) بمثل ذلك. و هو أول من أشهر القول بفرض إمامة علي (ع)، و أظهر البراءة من أعدائه، و كاشف مخالفيه. فمن هناك قال من خالف الشيعة أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية. و لمّا بلغ عبد الله بن سبأ نعي علي بالمدائن، قال للذي نعاه: "كذبت. لو جئتنا بدماغه في سبعين صرَّة، و أقمت على قتله سبعين عدلاً، لعلمنا أنه لم يمت، و لم يقتل، و لا يموت حتى يملك الأرض"»[14].

وذكر مثل هذا مؤرخ شيعي: «أن عبد الله بن سبأ توجّه إلى مصر حينما علم أن مخالفيه (عثمان بن عفان) كثيرون هناك، فتظاهر بالعلم و التقوى، حتى افتتن الناس به. و بعد رسوخه فيهم بدأ يروج مذهبه و مسلكه. و منه، إن لكل نبي وصياً و خليفته، فوصيُّ رسول الله و خليفته ليس إلا عليا المتحلي بالعلم، و الفتوى، و المتزين بالكرم، و الشجاعة، و المتصف بالأمانة، و التقي. و قال: إن الأمة ظلمت علياً، و غصبت حقه، حق الخلافة و الولاية، و يلزم الآن على الجميع مناصرته و معاضدته، و خلع طاعة عثمان و بيعته، فتأثر كثير من المصريين بأقواله و آرائه، و خرجو على الخليفة عثمان»[15].

و خبر إحراق علي بن أبي طالب t لطائفة السبئية، ثابتٌ عن السنة و الشيعة، تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب الصحاح و السنن و المساند[16]. لكن تعددت الروايات في ذكر مصير عبد الله بن سبأ، هل أحرق مع أصحابه؟ أم أنه نفي مع من نفي إلى سباط في المدائن؟

أقول: الراجح –و الله أعلم– أنه نُفي إلى سباط. ذلك أنه توجد روايات تذكر أن ابن سبأ لم يظهر القول علناً بألوهية علي إلا بعد وفاته، و هذا يؤيد الروايات التي تذكر أنه نفاه إلى المدائن حينما علم ببعض أقواله و غلوه فيه[17]. و قال الإمام الشعبي للإمام مالك يصف الرافضة السبئية: «لم يدخلو في الإسلام رغبة فيه لله و لا رهبة من الله، و لكن مقتاً من الله عليهم و بغياً منهم على أهل الإسلام. يريدون أن يغمصو دين الإسلام كما غمص بولص بن يوشع ملك اليهود دين النصرانية. و لا تجاوز صلاتهم آذانهم. قد حرَّقهم علي بن أبي طالب t بالنار و نفاهم من البلاد. منهم عبد الله بن سبأ، يهودي من يهود صنعاء، نفاه إلى ساباط. و أبو بكر الكروس، نفاه إلى الجابية. و حرق منهم قوماً أتوه فقالو أنت هو. فقال من أنا؟ فقالو أنت ربنا! فأمر بنار فاجِّجت فألقو فيها. و فيهم قال عليٌ t:

لما رأيت الأمر أمراً منكراَ أجَّجت ناري و دعوت قُنبرا»

و ذكر البغدادي أن: «السبئية أظهرو بدعتهم في زمان علي t، فأحرق قوماً منهم، و نفى ابن سبأ إلى سباط المدائن، إذ نهاه ابن عباس t عن قتله حينما بلغه غلوه فيه، و أشار عليه بنفيه إلى المدائن حتى لا تختلف عليه أصحابه، لا سيّما و هو عازم على العودة إلى قتال أهل الشام»[18].

و كان علي t يجاهر بلعنه و شتمه و يفضح أمره أمام الناس. و كان إبن سبأ يدعي أن الرسول r قد أوصى قبل مماته لعليّ بن أبي طالب t من بعده. و كان عليٌّ ينكر ذلك جهارة، فيصرُّ إبن سبأ على ادعائه! و عن أبي الجلاس قال: سمعت عليا يقول لعبد الله السبئي: «ويلك، ما أقضى إليّ رسول الله r بشيء كتمته أحداً من الناس. و لقد سمعته يقول "إن بين يدي الساعة ثلاثين كذاباً"، و إنك أحدهم»[19]. و قال علي t: «ليحبني قوم حتى يدخلو النار فيّ، و ليبغضني قومٌ حتى يدخلو النار في بغضي»[20]. و قال أيضاً من على المنبر: «اللهم العن كل مبغض لنا غالٍ، و كل محب لنا غال»[21].

و قد يتسائل سائل لماذا لم يحرق علي t ابن سبأ، أو حتى لم يعاقبه بحبسه، و اكتفى بنفيه، مع عظم دعواه و شناعة رأيه فيه، حيث تركه يعيث في الأرض فساداً و يدعو إلى ألوهيته أو نبوته أو وصايته أو التبرؤ من أصحاب الرسول r، ثم يكتفي بنفيه فقط إلى عاصمة الفرس المدائن، و هو يعلم أنه باق على غلوه، و أنه سيفسد كل مكان سيصل إليه؟!

و لعل الجواب أن علي t تركه لعدم ثبوت تلك الأقوال عنده، لأن ابن سبأ كان يرمي بشبهه من خلف ستار. و خاف إن قتله أن يثور أتباعه عليه، و هم يشكلون جزءً كبيراً من جيشه. و لعلّ إبن سبأ لم يجاهر بكفره و أفكاره الباطنية إلا بعد موت علي t، إذ قال لمن أوصل له خبر نعيه: «لو أتيتنا بدماغه في سبعين صرة ما صدقناك، و لعلمنا أنه لم يمت، و إنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه»[22].

ذكر الصفدي في ترجمة ابن سبأ: «ابن سبأ رأس الطائفة السبئية...، قال لعلي t أنت الإله، فنفاه إلى المدائن. فلما قُتل علي، زعم ابن سبأ أنه لم يمت لأن فيه جزءاً إلهياً و أنّ ابن ملجم قتل شيطاناً تصوّر بصورة علي، و أن علياً في السحاب، و الرعد صوته و البرق سوطه، و أنه سينزل إلى الأرض»[23]. و رغم تفاهة هذه الدعوى، إلا أنها وجدت مؤيدين و مناصرين ممن وصفهم الله تعالى بقوله: ]أولئك كالأنعام بل هم أضل، أولئك هم الغافلون[.

و لا نعلم متى قُتِل إبن سبأ هذا، إذ اختفى تماماً بعد مقولته تلك. و لم نسمع عن جماعته السبئية حتى أيام فتنة إبن الزبير عندما خرج المختار و تبنى أفكار تلك الطائفة، ثمّ قتله مصعب بن الزبير مع سبعة آلاف من أنصاره. و الغريب أننا لم نسمع بإبن سبأ هذا أثناء خروج المختار، فلعله قُتل قبل ذلك. و هذا الذي ذكرت لا يعني أنه لم يقتل بيد غيره، لأننا نعلم بأن جميع من شارك أو أعان في قتل عثمان t قد قتل، و إن الله عز وجل لم يهمل الظالمين، بل أذلهم و أخزاهم و انتقم منهم فلم ينج منهم أحد. و أخرج أحمد بإسناد صحيح عن عَمْرة بنت أرطأة العدوية قالت: «خرجت مع عائشة سنة قتل عثمان إلى مكة، فمررنا بالمدينة و رأينا المصحف الذي قتل و هو في حجره، فكانت أول قطرة من دمه على هذه الآية ]فسيكفيكهم الله و هو السميع العليم[، فما مات منهم رجل سويّاً»[24]. و قال الحسن البصري: «ما علمت أحداً أشرِك في دم عثمان t و لا أعان عليه إلا قُتل»[25].

و على أية حال فإن وجوده في المدائن –عاصمة الفرس السابقة– يجعلنا نتيقّن أن الغالبية العظمى من أنصاره، هم من الفرس المجوس الناقمين على الإسلام الذي قوض دولتهم. و بعد الحدث الأليم الذي أودى بحياة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب t، راح المجوس يدفعون أنصار علي لقتال بني أمية كما مرَّ معنا، خاصة في صفوف المختار. و وجدت الدعوات الباطنية فراغا فأخذت تنشط حتى أستفحل أمرها[26].

و لذلك كان أروع ما وصف به التشيع أنه «بِذرةٌ نصرانيةٌ، غرستها اليهودية، في أرضٍ مجوسية». و يؤيد هذا ما رواه الإمام أحمد عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ t قَالَ: «دَعَانِي رَسُولُ r، فَقَالَ "إِنَّ فِيكَ مِنْ عِيسَى مَثَلاً: أَبْغَضَتْهُ يَهُودُ حَتَّى بَهَتُو أُمَّهُ، وَ أَحَبَّتْهُ النَّصَارَى حَتَّى أَنْزَلُوهُ بِالْمَنْزِلِ الَّذِي لَيْسَ بِهِ". أَلا وَ إِنَّهُ يَهْلِكُ فِيَّ اثْنَانِ: مُحِبٌّ يُقَرِّظُنِي بِمَا لَيْسَ فِيَّ، وَ مُبْغِضٌ يَحْمِلُهُ شَنَآنِي عَلَى أَنْ يَبْهَتَنِي. أَلا إِنِّي لَسْتُ بِنَبِيٍّ وَ لا يُوحَى إِلَيَّ، وَ لَكِنِّي أَعْمَلُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ r مَا اسْتَطَعْتُ. فَمَا أَمَرْتُكُمْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، فَحَقٌّ عَلَيْكُمْ طَاعَتِي فِيمَا أَحْبَبْتُمْ وَ كَرِهْتُمْ»[27].

و قد وجدت أفكار إبن سبأ أرضاً خصبة عند المجوس (و هم حلفاء اليهود عبر التاريخ). إذ أن الزعامة الدينية عند المجوس الفرس، كانت تتمثل في قبيلة تسمى «ميديا». و في عصر زاردشت أصبحت في قبيلة «المغان». و رجال قبيلة «المغان» هم ظلّ الله في الأرض، و قد خلقو لخدمة الآلهة. و الحاكم يجب أن يكون من هذه القبيلة، و تتجسد فيه الذات الإلهية، و تتولى القبيلة شرف سدانة بيت النار. فعبادة الله عن طريق القبيلة (المقدسة) هو الذي دفع الفرس إلى التشيع لآل البيت، لا حبًا لآل البيت، و لكنهم وجدو أن هذه هي الطريقة المضمونة لكي يبثو سمومهم من خلالها في بلاد المسلمين، كما أن هذا التصور يلائم عقيدة المجوس.

و نجد أيضاً تشابهاً كبيراً بين التقية عند الشيعة (أو ما يسمى بالدين الخفي عند الباطنية)، و بين السرّية التي هي أصل من أصول عقائد المجوس. فالزردشتيون استمرو يعملون و ينشطون بكل سرية بعد أن تعرضو للاضطهاد على أيدي أتباع مزدك. و المانوية تحولت إلى حركة سرية بعد أن بطش بهرام بن هرمز بهم والمزدكية أصبحت دعوة سرية بعد أن نكل بهم أنو شروان. و مع السرية، كانت أديان الفرس منظمة تنظيماً هرميا دقيقاً يراعون به ظروف العصر. و كانت تنظيماتهم من القوة بحيث تمكنهم من الوصول إلى قصور الحكام في حالات ضعفهم. أما في غير حالات الضعف فالحكام من أفراد القبيلة التي ترعى شؤون الدين.

و قد أخذ الشيعة أيضاً الإباحية الجنسية[28] و المتعة و استعارة الفروج و اللواط[29] و المخدرات[30] و غير ذلك من الأمور المستشنعة[31]، من مذهب مزدك المؤبد المجوسي[32]. و هو مذهب كان منتشراً في بلاد الفرس و أثر كثيراً في ثقافتهم. و حتى لا يتهمنا أحدٌ بالمبالغة، فإليك معتقدات الشيعة في المتعة مع التوثيق من أهم مراجع الشيعة المعاصرين:

1 – الإيمان بالمتعة أصلا من أصول الدين، ومنكرها منكر للدين[33].

2 – المتعة من فضائل الدين و تطفئ غضب الرب[34].

3 –المتمتعة من النساء مغفور لها[35].

4 – المتعة من اعظم أسباب دخول الجنة، بل إنها توصلهم إلى درجة تجعلهم يزاحمون الأنبياء مراتبهم في الجنة[36].

5 – حذرو من أعرض عن التمتع، من نقصان ثوابه يوم القيامة، فقالو «من خرج من الدنيا و لم يتمتع، جاء يوم القيامة و هو أجذع (أي مقطوع العضو)»[37].

6 – ليس هناك حد لعدد النساء المتمتع بهن. فيجوز للرجل أن يتمتع بمن شاء من النساء و لو ألف امرأة أو أكثر[38].

7 – جواز التمتع بالبكر و لو من غير إذن وليها، و لو من غير شهود أيضاً[39].

8 – جواز التمتع بالبنت الصغيرة التي لم تبلغ الحلم، حتى الرضيعة[40].

9 – امـرأة الـمـتـعـة لا تَـرِث و لا تُـوَرِّث[41].

10 – يرون جواز التمتع بالعاهرة المشهورة بالزنا[42].

11 – و يرون أيضا جواز إعارة الرجل جاريته لصديقه ليقضي وطره منها! و يسمون ذلك (إعارة الفروج)[43].

و كذلك نلاحظ أن تاريخ المجوس ممتلئ بالشغب و الثورات و التآمر. و في هذه الفتن يقتل الأخ أخاه، و الابن أباه، دون رحمة أو شفقة. و عندما يشعر الملوك بالخطر كانو ينقضون على الأنبياء المزعومين فيقتلونهم، فبهرام قتل ماني، و كسرى قتل مزدك. و من هذه النقطة نعلم سبب إثارة الشيعة للفتن و القلاقل، و مدى عشقهم للدماء، فإنما ذلك ميراث ورثوه من المجوس. كما نعلم لماذا كانو و ما زالو يُصَفـُّون خُصُومهم عن طريق الاغتيالات.



[1] منهاج السنة (1\38).

[2] إنظر ديوان الفرزدق (ص 242-243).

[3] و من النادر أن يكون المقصود الشيعة الزيدية اليمنية.

[4] أما لمن اعترض على تكفير الإمامية فنقول له: هل كان مسيلمة الكذاب كافراً أم لا؟

إن قال لا فقد كفر، و قد كان رسول الله r و الصحابة كلهم يكفرون أتباعه. و قاتلهم أبو بكر و الصحابة كلهم حتى أجبرهم على الإسلام. و السبب أنهم جعلوا إمامهم في مرتبة رسول الله r، و قالو منا نبي و منكم نبي. رغم أنهم كانو يصلون و يحجون و يؤذنون و يشهدون بالشهادتين. كل ذلك لم يغن عنهم شيئاً لما رفعوا رجلا لمرتبة النبوة.

و إن قال نعم، سألناه في من رفع إمامه إلى أعلى من مرتبة النبوة، هل يكفر هذا؟

إن قال لا، كفر و ناقض نفسه، لأنه من باب أولى تكفير من رفع نفسه فوق الأنبياء و الملائكة المقربين. خاصة لو كانت تلك المرتبة هي بين النبوة و الإلهية. أو فيها إشراك ذلك الإمام لله عز و جل ببعض صفات الألوهية الثابتة له في القرآن، تعالى الله عما يشركون.

و إن قال نعم، يكون قد حكم بتكفير علماء الشيعة الإمامية المعاصرين!

[5] نهج البلاغة. الخطبة رقم 127.

[6] لا نعرف إن كان انتسابه لهذه القبائل هو انتساب موالاة أم أصل أم مجرد ادعاء. و الحقيقة أنه يوجد في حِميَر الكثير من اليهود.

[7] البعض يقول أن إبن السوداء كان شخصاً آخر من يهود الحيرة، أبوه يدعى حرب، و قد أحرقه علي t مع من دعى إلى ألوهيته. و الله أعلم بالصواب. فقد كان إبن سبأ متخفياً تحت عدة أسماء، مما جعل تتبع سيرته أمراً في غاية الصعوبة. و هناك من ادعى بأن كلاهما قد نفاه علي، ففي العقد الفريد لابن عبد ربه (2/241): «... منهم عبد الله بن سبأ نفاه إلى ساباط، و عبد الله بن السوداء نفاه إلى الخازر». و يقول الاسفرايني في التبصرة (ص 108): «و وافق ابن السوداء عبد الله بن سبأ بعد وفاة علي في مقالته هذه». و مثل هذا وقع عند البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 235): «فلما خشي علي من قتل ابن السوداء و ابن سبأ، الفتنة، نفاهما إلى المدائن».

[8] كمثال واضح على هذا الغموض، إنظر تاريخ الطبري (4/326-327).

[9] هو أبو عمرو بن عمر بن عبد العزيز الكشي: من علماء القرن الرابع للشيعة. و ذكرو أن داره كانت مرتعا للشيعة. و هو كبير علماء التراجم المتقدمين –عندهم– الذي قالو فيه: «إنه ثقة، عين، بصير بالأخبار و الرجال، كثير العلم، حسن الاعتقاد ، مستقيم ا لمذهب». و الذي قالو في كتابه في التراجم: «أهم الكتب في الرجال هي أربعة كتب، عليها المعوّل، و هي الأصول الأربعة في هذا الباب، و أهمها، و أقدمها، هو "معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين المعروف برجال الكشي". انظر مقدمة "الرجال".

[10] "رجال الكشي" (ص 101) ط مؤسسة الأعلمي بكربلاء العراق.

[11] "تنقيح المقال" للمامقاني (2\184) ط طهران.

[12] النوبختي: هو أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي من أعلام القرن الثالث للهجرة –عندهم– و وردت ترجمته في جميع كتب الجرح و التعديل عند الشيعة، و كلٌّ منهم وثقه و أثنى عليه. يقول فيه الرجالي الشيعي الشهير النجاشي: «الحسن بن موسى أبو محمد النوبختي، المتكلم، المبرز على نظرائه في زمانه، قبل الثلاثمئة و بعد». انظر "الفهرست للنجاشي" (47) ط الهند سنة 1317هـ. و قال الطوسي: «أبو محمد، متكلم، فيلسوف، و كان إمامياً حسن الاعتقاد ثقة. و هو من معالم العلماء». فهرست الطوسي (ص98) ط الهند 1835م. و يقول نور الله التستري: «الحسن بن موسى من أكابر هذه الطائفة و علماء هذه السلالة، و كان متكلماً، فيلسوفاً، إمامي الاعتقاد». انظر "مجالس المؤمنين" للتستري (ص77) ط إيران نقلا عن مقدمة الكتاب.

[13] انظر أخي المسلم كيف كان حب علي t لأصحاب رسول الله r، و رفقائه الثلاثة –الصديق و الفاروق و ذي النورين– حتى أراد أن يقتل من يطعن فيهم!

[14] إنظر "فرق الشيعة" للنوبختي (ص 43 و44) ط المطبعة الحيدرية بالنجف، العراق، سنة 1379هـ – 1959م.

[15] إنظر تاريخ شيعي "روضة الصفا" في اللغة الفارسية (2\ص292) ط إيران.

[16] إنظر خبره معهم عند البخاري في صحيحه (4/21)، (8/50)، و أبو داود في سننه (4/520)، و النسائي (7/104)، و الترمذي (4/59)، و الحاكم في المستدرك (3/538-539)، و صحّحه الألباني في صحيح أبي داود (3/822).

[17] إنظر: شرح نهج البلاغة (2/309)، و الملل و النِّحل للشهرستاني (ص157). و كذلك ما ذكره ابن تيمية في منهاج السنة (1/23–30) و (3/459)، و ابن عساكر في تاريخ دمشق (29/10)، و الملطي في التنبيه و الرد على أهل الأهواء و البدع (ص 29–30).

[18] في الفرق بين الفرق (ص223).

[19] مسند أبي يعلى (1\349). و سند الحديث هو: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن الحسن الأسدي حدثنا هارون بن صالح عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي الجلاس. أبو الجلاس ذكره ابن حبان في الثقات و قال عنه ابن معين ثقة. وهارون بن صالح ذكره ابن حبان في الثقات. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7\333): رجاله ثقات.

[20] السنة لإبن أبي عاصم (2\476). قال الألباني: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

[21] الحديث في السنة لإبن أبي عاصم (2\476): حدثنا أبو بكر حدثنا المطلب بن زياد عن السدي قال صعد علي المنبر فقال الحديث.
الحديث رجاله ثقات. السدي واسمه اسماعيل بن عبد الرحمن الكوفي (من غلاة الشيعة) لم أجد ما يثبت أنه أدرك عليا رضي الله عنه و لا ما ينفي ذلك. فيُخشى على السند من الإنقطاع، لكن يشهد له الحديث الصحيح الذي قبله و غيره من الشواهد. و اعلم أن هذا الحديث و الذي قبله موقوفان على علي، و لكنهما في حكم المرفوع، لأنه من الغيب الذي لا يُعرف بالرأي.

[22] مسائل الإمامة للناشئ الأكبر (ص 22)، و كذلك أنظر إلى دلالة العبارة في الفرق بين الفرق للبغدادي (ص 234)، و البدء و التاريخ لابن طاهر المقدسي (5/129)، و المجروحين لابن حبان (1/298)، و تثبيت دلائل النبوة للهمذاني (2/549)، و البيان و التبيين للجاحظ (3/81)، و المقالات و الفرق للقمي (ص20-21)، و فرق الشيعة للنوبختي (ص 43).

[23] الوافي بالوفيات (17/190). و انظر رد البغدادي في الفرق بين الفرق (ص236) و كذا ابن حزم في الفصل في الملل والأهواء و النحل (4/180) و غيرهما على سخافات ابن سبأ بعدم موت علي t بأدلة عقلية.

[24] إنظر: فضائل الصحابة (1/501) بإسناد صحيح. و أخرجه أيضاً في الزهد (ص127-128).

[25] تاريخ المدينة المنورة لابن شبّة (4/1252).

[26] راجع كتاب "و جاء دور المجوس" للشيخ عبد الله غريب (محمد سرور) حفظه الله، فقد أبدع فيه و أجاد في ربط التاريخ الماضي بالحاضر السياسي.

[27] و من أراد الاستزادة فعليه بكتاب "بذل المجهود في إثبات مشابهة الرافضة لليهود"، للأخ عبد الله الجميلي. إنظر كذلك في منهاج السنة لإبن تيمية (1\22) و (1\473) و (3\377) و (3\505).

[28] يقول فضل الله في كتابه النكاح (1\66): «فلو أنّ النساء قد اعتادت الخروج بلباس البحر، جاز النظر إليهن بهذا اللحاظ». إلى أن قال «و في ضوء ذلك، قد يشمل الموضوع النظر إلى العورة عندما تكشفها صاحبتها، كما في نوادي العراة (!!) أو السابحات في البحر في بعض البلدان أو نحو ذلك».

[29] أجاز شيخهم الخوئي (و هو أهم المراجع الشيعية في هذا العصر) الشذوذ الجنسي:

سؤال 784: هل يجوز لمس العورة من وراء الثياب من الرجل لعورة رجل آخر، ومن المرأة لعورة أخرى، لمجرد اللعب والمزاح، مع فرض عدم إثارة الشهوة؟ الخوئي: «لا يحرم في الفرض، و الله العالم». صراط النجاة في أجوبة الاستفتاءات ج3 (مسائل في الستر و النظر و العلاقات). نصيحة أخوية صغيرة: إحذر من مجالسة مقلّد للخوئي يكثر المزاح!

[30] شيخهم الخوئي له فتوى مشهورة بإباحة المخدرات.

[31] كتبت مجلة ( الشراع ) الشيعية العدد (684) السنة (الرابعة) الصفحة الرابعة: أن رفسنجاني أشار إلى ربع مليون لقيط في إيران بسبب زواج المتعة !!! و قد وُصفت مدينة ( مشهد ) الشيعية الإيرانية حيث شاعت فيها ممارسة المتعة بأنها: "المدينة الأكثر انحلالا على الصعيد الأخلاقي في آسيا". أ.هـ.

[32] لقد سبق الإيرانيون المزدكيون فلسفة فرويد اليهودي الذي لا يعرف إلا الجنس، بعصور طويلة.

[33] كتاب من لا يحضره الفقيه (3\366)، تفسير منهج الصادقين (2\495).

[34] تفسير منهج الصادقين للكشاني (2\493).

[35] كتاب من لا يحضره الفقيه (3\366). و لا تنسى أيضاً الربح المادي الكبير الذي تجنيه المرأة من المتعة. تذكر الكاتبة الشيعية شهلا حائري في رسالتها (المتعة المؤقتة – حالة إيران 1978-1982)، و هو زمن عزّ الثورة الإيرانية بقيادة الخميني، ما نصه: «يفترض العديد من الإيرانيين أنّ دافع المرأة إلى عقد زواج مؤقت هو دافع مادي دائماً. و يعزز هذا الافتراض، الشكل التعاقدي للزواج و طبيعة التبادل و الخطاب الديني السائد. و في الواقع، تعقد نساء عديدات زواجاً مؤقتاً لتأمين حاجاتهن المادية».

[36] كتاب من لا يحضره الفقيه (3\366). و تأمل أخي الموحّد تشجيعهم على الزنا.

[37] تفسير منهاج الصادقين (2\495). لكن السؤال للشيعة: لماذا لم يتمتّع أحد من الأئمة المعصومين؟!

[38] الاستبصار للطوسي (3\143)، تهذيب الأحكام (7\259).

[39] شرائع الأحكام لنجم الدين الحلي (2\186)، تهذيب الأحكام (7\254). قل لي بالله عليك: ما الفرق بين المتعة هذه و الزنا المشاعي؟!

[40] الاستبصار للطوسي (3\145)، الكافي في الفروع (5\463). و يقول الخميني في كتابه تحرير الوسيلة ص241 مسالة رقم 12: «و أما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة و الضم و التفخيذ، فلا بأس بها حتى في الرضيعة».

[41] المتعة و مشروعيتها في الإسلام – لمجموعة من علماء الشيعة 116 – 121، تحرير الوسيلة – للخميني، الجزء الثاني، صفحة 288.

[42] يقول الخميني في كتابه تحرير الوسيلة «مسألة 18: يجوز التمتع بالزانية على كراهية خصوصاً لو كانت من العواهر و المشهورات بالزنا، و إن فعل فليمنعها من الفجور». تحرير الوسيلة (ج2\ص292). قلت: يا لكرم أخلاق الخميني. يقول رب العزة والجلال {و الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك. و حرّم ذلك على المؤمنين}. فهنيئاً للخميني تحديده للصنف الذي يليق به و هو "مشرك". إنظر كذلك: الاستبصار للطوسي (3\145)، الكافي في الفروع (5\463).

[43] الاستبصار للطوسي 3\151 و كذلك ص136، الكافي في الفروع 5\460 و 2\200.

بنت مصر
25-08-2006, 02:42 PM
ابن طيبة الطيب والمبدع
تحية لك ولهذه السلسلة الرائعة والمفيدة
التى تمدنا بها وتتحفنا بما فيها من معلومات
استمر اخي الفاضل ونحن نتابعك


بسنت

أنفـــــال
25-08-2006, 02:56 PM
تأخرت في المتابعة ..
و أحسبني الآن قد قرأت ما فاتني .. :)
شكرا ابن طيبة

ابن طيبة
27-08-2006, 11:50 AM
تأخرت في المتابعة ..
و أحسبني الآن قد قرأت ما فاتني .. :)
شكرا ابن طيبة


شكرا اختي الفاضلة انفال علي المتابعة
دمتي بكل خير

مصطفى سلام
28-08-2006, 10:55 PM
و الله يا أستاذ معتز .. أنا انبهرت و أنا أقرأ ما سطرت ..
لقد كنت أعلم عن الشيعة و الرافضة شيئا ما - فقد عرض لهذه الطوائف بعض مؤرخى الفكر الإسلامى من أمثال أ.د. على سامى النشار الذى خصص الجزء الثانى من موسوعته القيمة (نشأة الفكر الفلسفى فى الإسلام) لدراسة الشيعة ، فتحدث عن نشأتهم ، السبئية ، المختارية و الكيسانية ، الشيعة الأبوهاشمية - ثم عرض للغلاة من الشيعة .. و للزيدية - ثم الإمامية فالاثنى عشرية - فالغلاة الجعفرية الخطابية .. فالإسماعيلية و الباطنية ..
أقول : لقد كنت قد قرأت فى بواكير دراستى الجامعية هذا السفر الجليل للدكتور النشار ..
و لكنى حين قرأت مقالاتك لم يسعنى إلا أن أرفع يدى إليك بالتحية أن أضفت إلىّ كما هائلا من المعلومات و أعدت إلى الهمة لأعيد قراءة سفر النشار ..
دراساتك رائعة يا أستاذ معتز تحفز الفكر و تشحذ العقل و تدفع إلى التأمل ...
مصطفى سلام

سيد جعيتم
30-08-2006, 07:45 AM
أخى وصديقى / الأستاذ / معتز
الله عليك يا أخى الكريم ذادك الله علماً ونفع بك المسلمين . سيدنا معاوية هكذا سماه الشيخ الأمام محمد متولى الشعراوى له مواقف كثيرة ثبتت أركان الحكم الإسلامى وإن كان يوجد خلاف بينه وبين سيدنا الإمام / على كرم الله وجهه فكان كما أوردت بسبب تسليم قتلة عثمان ثم خرج الموضوع عن إطاره ووجد من يضخمه وينفخ فيه فكان ما كان من تفرق الأمة بين شيعة هذا وشيعة هذا . عموماً الموضوع يطبع ويحتفظ به مع الكتب المهمة . دمت بخير صديقى الغالى

لميس الامام
01-09-2006, 04:04 PM
العزيز ابن طيبة

ما اروع فكرتك والحق انك نشط ومثابر ..سأقوم بنسخ هذه الكتب وطباعتها لكي يتسنى لي قراءتها على مهل واستمتاع .. فأنا من المغرمين بكتب التاريخ والمعرفة عموما..على فكرة بعض الكتب لم يكشف عنها بعبارة هذه الصفحة غير مسموحة ولكني سأحاول مرة اخرى

شكرا لك وجزاك الله الف خير

لميس الامام

ابن طيبة
02-09-2006, 12:01 PM
و الله يا أستاذ معتز .. أنا انبهرت و أنا أقرأ ما سطرت ..
لقد كنت أعلم عن الشيعة و الرافضة شيئا ما - فقد عرض لهذه الطوائف بعض مؤرخى الفكر الإسلامى من أمثال أ.د. على سامى النشار الذى خصص الجزء الثانى من موسوعته القيمة (نشأة الفكر الفلسفى فى الإسلام) لدراسة الشيعة ، فتحدث عن نشأتهم ، السبئية ، المختارية و الكيسانية ، الشيعة الأبوهاشمية - ثم عرض للغلاة من الشيعة .. و للزيدية - ثم الإمامية فالاثنى عشرية - فالغلاة الجعفرية الخطابية .. فالإسماعيلية و الباطنية ..
أقول : لقد كنت قد قرأت فى بواكير دراستى الجامعية هذا السفر الجليل للدكتور النشار ..
و لكنى حين قرأت مقالاتك لم يسعنى إلا أن أرفع يدى إليك بالتحية أن أضفت إلىّ كما هائلا من المعلومات و أعدت إلى الهمة لأعيد قراءة سفر النشار ..
دراساتك رائعة يا أستاذ معتز تحفز الفكر و تشحذ العقل و تدفع إلى التأمل ...
مصطفى سلام


استاذي الفاضل مصطفي سلام اخجلتم تواضعنا سيدي الكريم
دمت بالف خير

ابن طيبة
02-09-2006, 06:09 PM
أخى وصديقى / الأستاذ / معتز
الله عليك يا أخى الكريم ذادك الله علماً ونفع بك المسلمين . سيدنا معاوية هكذا سماه الشيخ الأمام محمد متولى الشعراوى له مواقف كثيرة ثبتت أركان الحكم الإسلامى وإن كان يوجد خلاف بينه وبين سيدنا الإمام / على كرم الله وجهه فكان كما أوردت بسبب تسليم قتلة عثمان ثم خرج الموضوع عن إطاره ووجد من يضخمه وينفخ فيه فكان ما كان من تفرق الأمة بين شيعة هذا وشيعة هذا . عموماً الموضوع يطبع ويحتفظ به مع الكتب المهمة . دمت بخير صديقى الغالى


استاذي الجليل سيد ابراهيم زاد ردك موضوعي قيمة
شكرا لك مداخلتك و مازلت فخورا بكلمة اخي و صديقي
دمت لنا بالف خير والدي الحبيب

ليلة عشق
03-09-2006, 02:46 PM
الأخ الفاضل معتز فطين

موضوع رائع ومميز وثري بالمعلومات القيمة ...
بسم الله ماشاء الله ....
زادك الله من علمه ونفع بك جميع المسلمين....

لك خالص اخترامي وتقديري ....

تحياتي
ليلة عشق

ابن طيبة
05-09-2006, 09:30 AM
الأخ الفاضل معتز فطين

موضوع رائع ومميز وثري بالمعلومات القيمة ...
بسم الله ماشاء الله ....
زادك الله من علمه ونفع بك جميع المسلمين....

لك خالص اخترامي وتقديري ....

تحياتي
ليلة عشق




الاخت العزيزة ليلة عشق شكرا لك اختي الفاضلة علي المداخلة
دمتي بالف خير

مظلوووم
08-09-2006, 04:54 AM
انا مش عارف اقولك ايه
حقيقى موضوعك جاى فى وقته تمام
وبالفعل انزعجت من اللى سمعته من واحده شيعيه فى احدى غرف الشات عن عمر ابن الخطاب وسيدنا ابو بكر الصديق وقولها لاحاديث بالاسانيد ودا فعلا خلانى اطلع ودا شىء احمده ليها انها نبهتنى لغفلتى عن الثقافه الدينيه
حقيقى تسلم ايدك يا ابن طيبه وربنا يكرمك ويجازيك كل خير :f: :f:
واسف على ردى المتاخر فى الموضوع لكن والله دا تقصير منى اتمنى من الله ان لا يتكرر
وياريت حضرتك تكمل الموضوع بروايه الاحاديث المبطله المندسه اللى بيحتج بيها الشيعه
والف الف شكر وبارك الله فيك :f: :f:
ويجعلوا عاااامر دائما بك وبقلمك
انوووووووبيس

ابن طيبة
08-09-2006, 01:05 PM
انا مش عارف اقولك ايه
حقيقى موضوعك جاى فى وقته تمام
وبالفعل انزعجت من اللى سمعته من واحده شيعيه فى احدى غرف الشات عن عمر ابن الخطاب وسيدنا ابو بكر الصديق وقولها لاحاديث بالاسانيد ودا فعلا خلانى اطلع ودا شىء احمده ليها انها نبهتنى لغفلتى عن الثقافه الدينيه
حقيقى تسلم ايدك يا ابن طيبه وربنا يكرمك ويجازيك كل خير :f: :f:
واسف على ردى المتاخر فى الموضوع لكن والله دا تقصير منى اتمنى من الله ان لا يتكرر
وياريت حضرتك تكمل الموضوع بروايه الاحاديث المبطله المندسه اللى بيحتج بيها الشيعه
والف الف شكر وبارك الله فيك :f: :f:
ويجعلوا عاااامر دائما بك وبقلمك
انوووووووبيس


اخي الحبيب مظلوم جاري اخي الفضل ادارج الاحاديث التي يعتمد عليها الشيعة و بيان صحتها
شكرا لك اهتمامك الجميل
و دمت بالف خير اخي الحبيب

horse
08-09-2006, 01:42 PM
أستاذي العزيز معتز....
تأرجحت كثيرا في الآونه الأخيره بين لفيف من الكتب ......أبحث هنا وهناك ......أحاول أن أكشف النقاب عن تلك الفترة التي سجلها التاريخ علي استحياء .....وكثر فيها اللغط والتأويلات .....حتي بدأت الكراهية تتسلل الي قلبي تجاه بعض الصحابه رضوان الله عليهم ....وأنا أستغفر الله من هذا الذنب وأتوب إليه .
لا أعلم ان كنت ستصدقني ام لا إن قلت لك اني كنت بصدد شراء كتاب بعنوان " رأي أهل السنة والجماعه في الصحابه وأهل البيت " للدكتور علاء بكر ....لعلي أجد فيه معلومات تصحح ماطرأ علي ذهني من أقاويل بعد أن تقلبت بين كثير من الكتب التي تؤرخ تلك الفترة.
لكني اليوم أجلت شراء هذا الكتاب .....ولم أشتريه وقد بهرت بما قدمته لي من معلومات بطريقة عرض هي فقط للمحترفين أمثالك......تقف الكلمات عاجزة عن الشكر ....وتعجز العبارات عن الثناء .....ولن أزيد لك إلا أن أقول جزاك الله خيرا وشكر الله لك .
تلميذك محمد

ابن طيبة
09-09-2006, 04:02 PM
أستاذي العزيز معتز....
تأرجحت كثيرا في الآونه الأخيره بين لفيف من الكتب ......أبحث هنا وهناك ......أحاول أن أكشف النقاب عن تلك الفترة التي سجلها التاريخ علي استحياء .....وكثر فيها اللغط والتأويلات .....حتي بدأت الكراهية تتسلل الي قلبي تجاه بعض الصحابه رضوان الله عليهم ....وأنا أستغفر الله من هذا الذنب وأتوب إليه .
لا أعلم ان كنت ستصدقني ام لا إن قلت لك اني كنت بصدد شراء كتاب بعنوان " رأي أهل السنة والجماعه في الصحابه وأهل البيت " للدكتور علاء بكر ....لعلي أجد فيه معلومات تصحح ماطرأ علي ذهني من أقاويل بعد أن تقلبت بين كثير من الكتب التي تؤرخ تلك الفترة.
لكني اليوم أجلت شراء هذا الكتاب .....ولم أشتريه وقد بهرت بما قدمته لي من معلومات بطريقة عرض هي فقط للمحترفين أمثالك......تقف الكلمات عاجزة عن الشكر ....وتعجز العبارات عن الثناء .....ولن أزيد لك إلا أن أقول جزاك الله خيرا وشكر الله لك .
تلميذك محمد


اخي الحبيب دكتور محمد فخر لي بل شرف ان تقرا مواضيعي لا نتظر لفرق السن لا تنظر لفارق الخبرة و التجارب بل انظر لمن امامك و اعرف مدي حبه للعلم لتعرف مدي سعة افقه و لقد علمت عنك الكثير رغم عدم تلاقينا من قبل وجها لوجه انما الارواح تتلاقي اخي الكريم
كل ما احاول ان اوضحه ان ياخذوا العبرة ممن قبلهم ان يقراوا التاريخ ليتعلموا الصح من الغلط
شكرا اخي الدكتور محمد علي مرورك الكريم و ارجو الله ان يزيدك من علمه
دمت بالف خير

kaled11
13-08-2009, 03:32 AM
قد اضعت وقتي بقراءة ما كتبت من كلمات ما كانت الا تحريف للمعلومه وتضليل القارئ من خلال تجميل صورة معاوية واظهاره بصوره جميلة مع ما جاء به من ويلات على الآمة الاسلامية مستعينا بأدله من صنع الدولة الاموية ! قدد تستغرب هذه الكلمه ان الدوله الامويه لها صناعة نعم لها صناعة وليس اي صناعة بل صناعة فعالة لازالت تؤتي اكولها لهذا اليوم والدليل ما نراه اليوم من حملة شعرات الدين المدعين منصبين انفسهم قيمين على الدين وكأن امة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بهم من يفقه او يعلم الا هم .
اخي هداك الله الى رشد السبيل وخذ مني النصح العجوز الشمطاء تبقى قبيحه حتى وان تزينت بالحلي ووضعت لها كل مواد الزينه
كأنك تقراء ما تريد ان تقرى له وتترك ما لا تحب ان تعرفه
من خلال مررت عليه من سطور عرفت انك تتنتمي الي الجماعية السلفيه التي نصبت نفسها على جموع المسلمين امام وضمت كل ما جاء به ائمة المذاهب الاربعه وهم الشافعي والمالكي والحنبلي والخنفي ومن عملوا بعلمهم تحت راية السلفية موجه بفكر محمد عبد الوهاب وها نحن نرى النتائج التي حذرنا منها وهيه السيطره على ثرواة المسلمين والتحكم بأمرهم من خلال السطرة على عقول شبابهم بالكلام اللين والاسلوب الحنون حتى السطره التامه والزج بهم الى الى الانتحار من خلال قتلهم بما يطلقون عليه الجهاد بالاحزمه الناسفه وتفجيرها بين جموع المسلمين هنا وهناك
اعلم يا هذا ان كنت ضال فلا تضلل وان كان من منظورك ان تجمع حواليك من شباب المسلمين وتشكل بهم خلية لبيعهم على تجار الارهاب فهذا لن تصل اليه انشالله واعلم ان كبار علماء المسلمين قد كشفوا امركم وتسويقكم لهذا الفكر المصنوع بأيدي مهره وها قد بداء واحدكم يشكف الاخر من خلال التناحر على المصالح !
رحم الله عبدالحميد كشك عندما قال عنكم يا دسيسة الامه ويا آفة الدين تريدون ان تنصبوا نفسكم قائمين على الدين !
الا تعلم يا هذا ان محمد عبدالوهاب قد طرد من الازهر الشريف لاكتشافه ان يحمل افكار شاذه عندما اراد ان يدرس انذاك

ابن طيبة
13-08-2009, 11:23 AM
قد اضعت وقتي بقراءة ما كتبت من كلمات ما كانت الا تحريف للمعلومه وتضليل القارئ من خلال تجميل صورة معاوية واظهاره بصوره جميلة مع ما جاء به من ويلات على الآمة الاسلامية مستعينا بأدله من صنع الدولة الاموية ! قدد تستغرب هذه الكلمه ان الدوله الامويه لها صناعة نعم لها صناعة وليس اي صناعة بل صناعة فعالة لازالت تؤتي اكولها لهذا اليوم والدليل ما نراه اليوم من حملة شعرات الدين المدعين منصبين انفسهم قيمين على الدين وكأن امة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بهم من يفقه او يعلم الا هم .
اخي هداك الله الى رشد السبيل وخذ مني النصح العجوز الشمطاء تبقى قبيحه حتى وان تزينت بالحلي ووضعت لها كل مواد الزينه
كأنك تقراء ما تريد ان تقرى له وتترك ما لا تحب ان تعرفه
من خلال مررت عليه من سطور عرفت انك تتنتمي الي الجماعية السلفيه التي نصبت نفسها على جموع المسلمين امام وضمت كل ما جاء به ائمة المذاهب الاربعه وهم الشافعي والمالكي والحنبلي والخنفي ومن عملوا بعلمهم تحت راية السلفية موجه بفكر محمد عبد الوهاب وها نحن نرى النتائج التي حذرنا منها وهيه السيطره على ثرواة المسلمين والتحكم بأمرهم من خلال السطرة على عقول شبابهم بالكلام اللين والاسلوب الحنون حتى السطره التامه والزج بهم الى الى الانتحار من خلال قتلهم بما يطلقون عليه الجهاد بالاحزمه الناسفه وتفجيرها بين جموع المسلمين هنا وهناك
اعلم يا هذا ان كنت ضال فلا تضلل وان كان من منظورك ان تجمع حواليك من شباب المسلمين وتشكل بهم خلية لبيعهم على تجار الارهاب فهذا لن تصل اليه انشالله واعلم ان كبار علماء المسلمين قد كشفوا امركم وتسويقكم لهذا الفكر المصنوع بأيدي مهره وها قد بداء واحدكم يشكف الاخر من خلال التناحر على المصالح !
رحم الله عبدالحميد كشك عندما قال عنكم يا دسيسة الامه ويا آفة الدين تريدون ان تنصبوا نفسكم قائمين على الدين !
الا تعلم يا هذا ان محمد عبدالوهاب قد طرد من الازهر الشريف لاكتشافه ان يحمل افكار شاذه عندما اراد ان يدرس انذاك

لا حول و لا قوة الا بالله
هدانا الله و اياك اخي الكريم
و لتعلم انني لا انتمي لا الي السلفيين و لا الي الوهابيين و لا غيرهم و انما ديني الاسلام و اتبع سنة نبي الله محمد صلي الله عليه و سلم

fishawy
16-08-2009, 11:11 AM
لا حول و لا قوة الا بالله
هدانا الله و اياك اخي الكريم
و لتعلم انني لا انتمي لا الي السلفيين و لا الي الوهابيين و لا غيرهم و انما ديني الاسلام و اتبع سنة نبي الله محمد صلي الله عليه و سلم


أستاذ معتز
لا تكلف نفسك عناء الرد, ولا تلتفت لهؤلاء, فهكذا دائماً البداية, اعتراض يتبعه عدم أدب في اختيار الألفاظ, ثم تقوم أنت بالرد أو الدفاع, فيقوم هو برد آخر. وهكذا حتى يضيع الموضوع الرئيس, ويتشتت القارئ بين الردود.فلا هم أفادوا ولا استفادوا.

لو أراد المعترض أن يبدي رأيه فليقتبس من كلام الأستاذ معتز الجزء الذي يعترض عليه, ثم يسوق لنا أدلة من كتب أهل السنة تنفي أو تخصص أو تعمم ما ذكره الأستاذ معتز, خلاف ذلك فيجب ألا نلتفت للمعترض.

لا نريد كلاماً عاماً واتهامات لا دليل عليها, هذه ساحة علمية, من يعرض فكراً يأتي بمصادره وأدلته.

أستاذ معتز
أكمل ما أنت فيه (حفظك الله) ولا تلتفت لهم, وكلنا آذان صاغية لما تكتب, ولن نحابيك بل سنقرأ بحيادية تامة.


ولك كل تقديري واحترامي

ابن طيبة
16-08-2009, 12:55 PM
أستاذ معتز
لا تكلف نفسك عناء الرد, ولا تلتفت لهؤلاء, فهكذا دائماً البداية, اعتراض يتبعه عدم أدب في اختيار الألفاظ, ثم تقوم أنت بالرد أو الدفاع, فيقوم هو برد آخر. وهكذا حتى يضيع الموضوع الرئيس, ويتشتت القارئ بين الردود.فلا هم أفادوا ولا استفادوا.

لو أراد المعترض أن يبدي رأيه فليقتبس من كلام الأستاذ معتز الجزء الذي يعترض عليه, ثم يسوق لنا أدلة من كتب أهل السنة تنفي أو تخصص أو تعمم ما ذكره الأستاذ معتز, خلاف ذلك فيجب ألا نلتفت للمعترض.

لا نريد كلاماً عاماً واتهامات لا دليل عليها, هذه ساحة علمية, من يعرض فكراً يأتي بمصادره وأدلته.

أستاذ معتز
أكمل ما أنت فيه (حفظك الله) ولا تلتفت لهم, وكلنا آذان صاغية لما تكتب, ولن نحابيك بل سنقرأ بحيادية تامة.


ولك كل تقديري واحترامي

اهلا بك استاذنا الفيشاوي
و اهلا بكلماتك الطيبة التي اذهبت الم ما تسببت فيه كلمات الاخ الفاضل في مداخلته السابقة و لم يكن سبب المي كلماته في حقي و لكن سبب المي انه لم يقرأ و القي التهم جزافا دون ان يكلف نفسه عناء القراءة ثم الرد ثم المناقشة
كيف لهؤلاء الا يقتنعوا بان هناك من مرويات التاريخ اخبار تسربت اليها مدسوسات الخصوم و مخلفات الحقد علي العقيدة الاسلامية و الاعلام البارزين من المسلمين
كيف لهؤلاء الا يقتنعوا ان في دنيا الناس قضايا سجلها التاريخ علي وجه مضلل يحير العقول و يصدم الحقيقة و يفتح للتساؤلات ابوابا ثم يترك العامل المؤمن بين عقيدته و المدون امامه في عذاب نفسي و شقاء وجداني يزلزل كيانه
كيف لهؤلاء ان يقتنعوا بوجوب مناصر معاوية و ذم علي او مناصرة علي و ذم معاوية او الخوض في سيرة عثمان
الا يعلم هؤلاء ان هؤلاء هم صحب رسول الله و منهم من بُشِرَ بالجنة كيف نخوض في سيرتهم و نعتقد انهم كانوا يتكالبون علي الدنيا و متاعها و انهم كانوا يسعون الي مجد شخصي
هل نلغي احاديث الرسول الكريم عن صحبه و فضائلهم و مكانتهم
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا وَقَالَ الآخَرَانِ،حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ،عَنْ أَبِي، هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
‏"‏لاَتَسُبُّوا أَصْحَابِي لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ‏"‏ .
‏صحيح مسلم (6651)

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَاجَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِيصَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَىْءٌ فَسَبَّهُ خَالِدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏
"‏ لاَ تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْأَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ‏"‏‏.‏
صحيح مسلم (6652)

و دعني انقل لهؤلاء منهج اهل السنة و الجماعة في فيما وقع من حروب بين الصحابة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه. تقدم ذكر جمل من المسائل التي يتضمنها منهج أهل السنة والجماعة في أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومن منهجهم وطريقتهم القويمة السليمة أنهم يمسكون عما شجر بين الصحابة يمسكون عن الخوض فيما وقع من الخلاف والنزاع والحروب يمسكون عن ذلك يعني: لا يخوضون لا يتكلمون لا يجعلون ما جرى بين الصحابة حديثا يتسلون به فضلا عن أن يتذرعوا به إلى الطعن في أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
يمسكون لا يخوضون في هذا، بل يعرضون عنه ويغفلون عنه؛ لأن هذا مع ما في الخوض فيه من المفاسد فإنه أيضًا يؤلم قلوب المؤمنين؛ فلا يحبون التكلم فيه والتشاغل به.
بل إذا تذكروا ذلك، أو ذُكِرَ لهم أوقفوا وزجروا من يخوض في ذلك ويبادرون إلى الدعاء لأصحاب الرسول والترضي عنهم، والدعاء لهم بالمغفرة، كما جاء في قوله تعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ .
إذن لا يخوضون في هذا لا كلامًا ولا كتابة وتعليقًا، فتسطير ما جرى بين الصحابة لا خير فيه، اللهم إلا من يكتب للرد على المبطلين وإزاحة الشبه، فيكون هذا الكلام، وهذا التأليف ليس مقصودًا بذاته لا يقصد به مجرد الأحاديث التأريخية والخوض الذي تزجى به الأوقات، ويؤدي إلى تسويد القلوب.
ومن أحسن ما أُثِرَ في هذا قول لعمر بن العزيز -رضي الله عنه ورحمه- لما ذُكِرَ له ما جرى بين الصحابة من حروب كما جرى بين علي ومعاوية -رضي الله عنهما- وبين علي وطلحة والزبير ومن معهما -رضي الله عنهم-. قال: تلك دماء طهَّر الله منها يدي فلا تلوثوا بها لساني. أو كما قال رحمه الله ورضي عنه.
وهذا معنى عظيم، فهذا أصل يجب التفطن له والتمسك به، بل إن هذا المعنى هو الواجب نحو المسلمين ما يكون بينهم، ينبغي الكف عن مساويهم فكيف بأصحاب الرسول الأخيار، خير هذه الأمة.
ثم يقولون من هذا المنطلق، ومن هذا الأصل يقولون: إن ما أُثِرَ وما نقل من مساوئ الصحابة، من المساوئ من تلك الحروب أو غيرها منها ما هو كذب، الأخبار التأريخية كثير منها كذب، منها ما هو كذب، وإن كان الأصل واقع لكن التفصيلات منها ما هو كذب، ومنها ما زيد فيه ونقص وغُيِّرَ عن وجهه، هذا قسم منها.
والصحيح، منه الصحيح مما أُثِرَ من مساوئ الصحابة هم فيه معذورون مأجورون إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون فهم مأجورون بأجر أو أجرين هكذا يجب الكف، والتماس العذر، الكف عن الخوض في مساوئهم والتماس العذر فيما ثبت، وما لم يثبت يرد فيه من أول وهلة.
ما لم يثبت لا ينظر فيه، لكن ما ثبت يُخَرَّج على هذا الوجه، يُخَرَّج على أن ما وقع هو اجتهاد، ولا يعني هذا أن الصحابة معصومون، بل أهل السنة لا يقولون: إن أحدًا من الصحابة معصوم، فالصحابة ليسوا بمعصومين، العصمة إنما هي للرسول -صلى الله عليه وسلم-.

هذا و الله اعلي و اعلم

KANE2008
16-08-2009, 01:31 PM
موضوع فى غايه الروعه اخى ابن طيبه :y:
بارك الله فيك وارجو تثبيته فعلا :f:
وكل عام وانتم بخير

ابن رشد المصري
17-08-2009, 10:05 AM
موضوع غاية في الروعة لابد وأن نشكر معه أخونا في الله خالد11 الشيعي كونه رفعه لنا وأتاحه لنا من جديد.
لم أكمل قرائتي فيه بعد لكني بدأت ولن أتركه حتى أنهيه بمشيئة الرحمن .. قدمت لنا الهداية في فترة عصيبة من التاريخ أخي ابن طيبة اختلف عليها كثيرون.

oo7
17-08-2009, 02:17 PM
الموضوع هايل جدا
انا فعلا قريت المعلومات دى فى كتاب للشيخ محمد حسان اسمه
الفتنة بين الصحابة
وقبل كده كنت محتار فى اللى حصل بين سيدنا على وسيدنا معاوية

بارك الله فيك ا/معتز

الحداد25
25-08-2009, 07:16 AM
الحكم. قلت: «فهل تدمّى (أي تلطخ و تلوث) محمد بن أبي بكر من دمه بشيء؟». قال: «معاذ الله! دخل عليه فقال له عثمان: لست بصاحبي. و كلمه بكلام فخرج و لم يرز (أي لم يُصِب) من دمه بشيء». قلت: «فمن قتله؟». قال: «رجل من أهل مصر يقال له جبلة[15]، فجعل يقول: «أنا قاتل نعثل[16]» (يقصد عثمان). قلت: «فأين عثمان يومئذ؟». قال: «في الدار»[17]. و قال كنانة كذلك: «رأيت قاتل عثمان في الدار رجلاً أسود من أهل مصر يقال له جبلة، باسط يديه، يقول: أنا قاتل نعثل»[18].

فى البداية أستنكر الكلام السخيف الذى قاله الاستاذ خالد فى حق أخونا الفاضل ابن طيبة ولا نرضى ابدا بهكذا تراهات تقال فى حق من هم أصحاب الخلق الرفيع و العلم و الثقافة الواسعة كأستاذ معتز .
ولى تعليق على موضوع قتل سيدنا عثمان وقد سمعنا كثيرا عن دور المصريين فى قتله وكأنه مكتوب علينا دائما أن نظلم و نتهم زورا فالقاتل المسمى ( بجبلة ) ليس مصريا بل رجل عربى من مضر ( هناك نقطة فوق الصاد ) ويبدو أن تلك النقطة الضائعة هى السبب فتحولت الضاد الى صاد وسوف أدلل على كلامى من كتب التاريخ الشهيرة المعتمدة
(تاريخ الأمم والملوك المؤلف : محمد بن جرير الطبري أبو جعفر الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة الأولى ، 1407 عدد الأجزاء : 5 [ جزء 2 - صفحة 661 ] قال محمد بن عمر وحدثني محمد بن صالح عن عبيدالله بن رافع بن نقاخة عن عثمان بن الشريد قال مر عثمان على جبلة بن عمرو الساعدي وهو بفناء داره ومعه جامعة فقال يا نعثل والله لأقتلنك ولأحملنك على قلوص جرباء ولأخرجنك إلى حرة النار ثم جاءه مرة أخرى وعثمان على المنبر فأنزله عنه)
(مسند إسحاق بن راهويه المؤلف : إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي الناشر : مكتبة الإيمان - المدينة المنورة الطبعة الأولى ، 1412 - 1991تحقيق : د. عبد الغفور بن عبد الحق البلوشي عدد الأجزاء : 5مع الكتاب : أحكام المحقق على بعض الأحاديث [ جزء 4 - صفحة 261 ] قلت فمن قتله قال رجل من أهل مضر يقال له جبلة بن أيهم فجعل ثلاثا يقول أنا قاتل نعثل قلت فأين عثمان يومئذ قال في الدار قال المحقق د . عبد الغفور البلوشي : رجاله بين ثقة وصدوق سوى كنانة مقبول )
(المعجم الكبير المؤلف : سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني الناشر : مكتبة العلوم والحكم – الموصل الطبعة الثانية ، 1404 – 1983 تحقيق : حمدي بن عبدالمجيد السلفي عدد الأجزاء : 20 [ جزء 2 - صفحة 287 ] ح 2197( حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال وفي حديث عبيد الله ابن أبي رافع في تسمية من شهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه جبلة ابن عمرو : ( ومن بني بياضة بدري ).
هذا عن موضوع جبلة الغير مصرى و هناك عبارة اخرى وردت فيها اسم مصر


فقد ثبت عن الحسن البصري رحمه الله –و هو شاهد عيان كان عمره وقتها أربع عشرة سنة– عندما سُئِل «أكان فيمن قتل عثمان أحد من المهاجرين و الأنصار؟». فقال: «لا! كانو أعلاجاً من أهل مصر»[27]. و كذلك الثابت الصحيح عن قيس بن أبي حازم أن الذين قتلو عثمان ليس فيهم من الصحابة أحد[28]. و لكن عثمان أمرهم بعدم القتال و شدّد عليهم في ذلك.

هنا لن نقول ان ثمة نقطة لعوب قد ضاعت لان الكلام واضح على لسان الحسن البصرى الذى أراد نفى القتل عن ساكنى مكة و المدينة فألصقه بمصر فقال ( اعلاجا من اهل مصر ) و الاعلاج بالطبع لا يكونوا ابدا من العرب وقتها ، ويبدو لى ان تلك المقولة مدسوسة على التابعى الجليل لان الثابت أن اعلاج مصر لم يعرفوا بتاريخهم الثورة على حكامهم ولم يقتلوا ابد حاكم ( نستثنى قتل السادات ) فما الذى يجعل هؤلاء العلوج يشتركون فى قتل سيدنا عثمان وهم لا ناقة لهم و لاجمل ووقتها لم يكونوا قد أتقنوا اللغة العربية بعد ولم يكن الاسلام قد انتشر بكثرة وعليه تلك الرواية مرفوضة و غير منطقية ابدا .

ابن طيبة
25-08-2009, 12:23 PM
فى البداية أستنكر الكلام السخيف الذى قاله الاستاذ خالد فى حق أخونا الفاضل ابن طيبة ولا نرضى ابدا بهكذا تراهات تقال فى حق من هم أصحاب الخلق الرفيع و العلم و الثقافة الواسعة كأستاذ معتز .
ولى تعليق على موضوع قتل سيدنا عثمان وقد سمعنا كثيرا عن دور المصريين فى قتله وكأنه مكتوب علينا دائما أن نظلم و نتهم زورا فالقاتل المسمى ( بجبلة ) ليس مصريا بل رجل عربى من مضر ( هناك نقطة فوق الصاد ) ويبدو أن تلك النقطة الضائعة هى السبب فتحولت الضاد الى صاد وسوف أدلل على كلامى من كتب التاريخ الشهيرة المعتمدة
(تاريخ الأمم والملوك المؤلف : محمد بن جرير الطبري أبو جعفر الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة الأولى ، 1407 عدد الأجزاء : 5 [ جزء 2 - صفحة 661 ] قال محمد بن عمر وحدثني محمد بن صالح عن عبيدالله بن رافع بن نقاخة عن عثمان بن الشريد قال مر عثمان على جبلة بن عمرو الساعدي وهو بفناء داره ومعه جامعة فقال يا نعثل والله لأقتلنك ولأحملنك على قلوص جرباء ولأخرجنك إلى حرة النار ثم جاءه مرة أخرى وعثمان على المنبر فأنزله عنه)
(مسند إسحاق بن راهويه المؤلف : إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي الناشر : مكتبة الإيمان - المدينة المنورة الطبعة الأولى ، 1412 - 1991تحقيق : د. عبد الغفور بن عبد الحق البلوشي عدد الأجزاء : 5مع الكتاب : أحكام المحقق على بعض الأحاديث [ جزء 4 - صفحة 261 ] قلت فمن قتله قال رجل من أهل مضر يقال له جبلة بن أيهم فجعل ثلاثا يقول أنا قاتل نعثل قلت فأين عثمان يومئذ قال في الدار قال المحقق د . عبد الغفور البلوشي : رجاله بين ثقة وصدوق سوى كنانة مقبول )
(المعجم الكبير المؤلف : سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني الناشر : مكتبة العلوم والحكم – الموصل الطبعة الثانية ، 1404 – 1983 تحقيق : حمدي بن عبدالمجيد السلفي عدد الأجزاء : 20 [ جزء 2 - صفحة 287 ] ح 2197( حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال وفي حديث عبيد الله ابن أبي رافع في تسمية من شهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه جبلة ابن عمرو : ( ومن بني بياضة بدري ).
هذا عن موضوع جبلة الغير مصرى و هناك عبارة اخرى وردت فيها اسم مصر



هنا لن نقول ان ثمة نقطة لعوب قد ضاعت لان الكلام واضح على لسان الحسن البصرى الذى أراد نفى القتل عن ساكنى مكة و المدينة فألصقه بمصر فقال ( اعلاجا من اهل مصر ) و الاعلاج بالطبع لا يكونوا ابدا من العرب وقتها ، ويبدو لى ان تلك المقولة مدسوسة على التابعى الجليل لان الثابت أن اعلاج مصر لم يعرفوا بتاريخهم الثورة على حكامهم ولم يقتلوا ابد حاكم ( نستثنى قتل السادات ) فما الذى يجعل هؤلاء العلوج يشتركون فى قتل سيدنا عثمان وهم لا ناقة لهم و لاجمل ووقتها لم يكونوا قد أتقنوا اللغة العربية بعد ولم يكن الاسلام قد انتشر بكثرة وعليه تلك الرواية مرفوضة و غير منطقية ابدا .


بارك الله فيك اخي علاء
سعيد بهذا التحقيق الذي اجريته عمن قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه و نفيك لفرية اخري التصقت بنا كمصريين من اننا قد قتلنا الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضوان الله عليه
و دعنا ناتي بالمزيد من البراهين من امهات الكتب لنفي هذه الفرية
دمت دائما متالقا
تقديري و احترامي

ابن طيبة
25-08-2009, 12:25 PM
موضوع فى غايه الروعه اخى ابن طيبه :y:
بارك الله فيك وارجو تثبيته فعلا :f:
وكل عام وانتم بخير



اشكر لك مرورك الكريم اخي الفاضل KANE2008
و اشكر لك كلماتك الطيبة
زادك الله من علمه و فضله
:f2:

ابن طيبة
25-08-2009, 12:26 PM
موضوع غاية في الروعة لابد وأن نشكر معه أخونا في الله خالد11 الشيعي كونه رفعه لنا وأتاحه لنا من جديد.
لم أكمل قرائتي فيه بعد لكني بدأت ولن أتركه حتى أنهيه بمشيئة الرحمن .. قدمت لنا الهداية في فترة عصيبة من التاريخ أخي ابن طيبة اختلف عليها كثيرون.


اهلا بتواجدك الجميل معنا اخي الفاضل ابن رشد
و ننتظر روائعك في قاعة التاريخ
تقبل تقديري و احترامي
:f2:

ابن طيبة
25-08-2009, 12:28 PM
الموضوع هايل جدا
انا فعلا قريت المعلومات دى فى كتاب للشيخ محمد حسان اسمه
الفتنة بين الصحابة
وقبل كده كنت محتار فى اللى حصل بين سيدنا على وسيدنا معاوية

بارك الله فيك ا/معتز


اهلا بك اخي مصطفي
شاكر لك مرورك الكريم و كلماتك الطيبة
زادك الله من علمه و فضله

القواس
31-08-2009, 11:43 PM
تسجيل حضور و مناقشه عن كل جزئيه في يوم
و خصوصا مقتل عثمان لأني تناقشت بها لمده عشرة أيام مع الأقباط

ابن طيبة
01-09-2009, 12:05 PM
تسجيل حضور و مناقشه عن كل جزئيه في يوم
و خصوصا مقتل عثمان لأني تناقشت بها لمده عشرة أيام مع الأقباط


و انتظر عودتك دكتور محمد و اضافاتك التي بالتاكيد ستثري الموضوع
دمت بكل خير

القواس
22-09-2009, 07:33 PM
ما زلت مستمرا في عرض بعض ما لبس الفترة الانتقالية من انتقال الخلافة من الخلفاء الراشدين الي بني اميه و ما شاب هذه الفترة من لبس و غموض و اليوم سوف نتحدث عن موضوع ثار فيه الجدل حتي طال عنان السماء و هو


فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه و ارضاه

لم يكن لقتلة عثمان أية عصبية تجمعهم. بل لم يجمعهم إلا طمع بالدنيا أو كره للحق، و لو أن بعضهم كان ينقم على فضل قريش والأنصار، و يتطلع لنيل شيء من تلك السابقة. فهم غوغاء من الأمصار كما وصفهم الزبير t، و هم نزّاع القبائل كما تقول عائشة[1]. و هم حثالة الناس متفقون على الشر كما يصفهم ابن سعد[2]. و هم خوارج مفسدون و ضالون باغون كما ينعتهم ابن تيمية[3].

و كان عددهم ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف من أهل البصرة و الكوفة و مصر. و لم يجمعهم شيء إلا طاعة عبد الله بن سبأ اليهودي المعروف بإبن السوداء لعنه الله. و هو الذي أراد أن يخرب الإسلام كما فعل بولص اليهودي بالنصرانية. فحرض الناس على عثمان إما بإثارة الشبهات حوله، أو بشهودٍ زور على وِلاته، أو بكتبٍ مزورة و شهاداتٍ زائفة. فتجمّع معه هؤلاء الفُجّار، فذهبو إلى المدينة غِيلةً و هم يزعمون أنهم يريدون الحج، فلمّا وصلو داهمو المدينة و حاصرو عثمان و طلبو منه أن يعزل نفسه أو يقتلوه. و اغتنمو غيبة كثيرٍ من أهل المدينة في موسم الحج، و غيبتهم في الثغور و الأمصار، و لم يكن في المتبقين من أهل الدينة ما يقابل عدد الخوارج، فخشي عثمان إن قاتلهم أن تكون مجزرةٌ للصحابة بسببه.

فأشار المغيرة بن الأخنس على عثمان بخلع نفسه. فردَّ ابن عمر عليه، و نصح عثمان بأن لا يخلع نفسه، و قال له: «فلا أرى لك أن تخلع قميصاً قمّصكه الله، فتكون سُنة: كلما كره قوم خليفتهم أو أميرهم قتلوه»[4]. و بعد أن قطع عليه الفجرة الماء، دخل عليه عبد الله بن سبأ و ضربه فتشجّع القتلة[5]. فأخذ الغافقي حديدة و نزل بها على عثمان t فضربه بها و رَكَسَ المصحف برجله. فطار المصحف و استدار و رجع في حضن عثمان و سال الدم فنزل عند قوله تعالى: ]فـَسَــيَكفيكـَهُمُ الله[[6]، هنا أرادت نائلة زوجة عثمان أن تحميه فرفع سودان السيف يريد أن يضرب عثمان، فوضعت يدها لتحميه فقطع أصابعها فولت صارخة تطلب النجدة، فضربها في مؤخرتها، و ضرب عثمان على كتفه فشقه. ثم نزل عليه بخنجر فضربه تسع ضربات و هو يقول: «ثلاثٌ لله، و سِتٌ لما في الصدور». ثم قام قتيرة فوقف عليه بالسيف، ثم اتكأ على السيف فأدخله في صدره. ثم قام أشقاهم و أخذ يقفز على صدره حتى كسّر أضلاعه. هنا قام غلمان عثمان بالدفاع عنه، و استطاعو أن يقتلو كلاً من سودان و قتيرة، لكن أهل الفتنة قتلو الغلمان جميعاً، و تركو جثثهم داخل الدار[7].

وهناك رواية أصح أخرجها الطبري في تاريخه[8] وابن سعد في طبقاته[9] قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم (بن علية، ثقة ثبت) عن إبن عون (ثقة ثبت) عن الحسن (البصري، ثقة ثبت) قال: أنبأني وثّاب –وكان فيمن أدركه عتق أمير المؤمنين عمر، وكان بين يدي عثمان، ورأيت بحلقه أثر طعنتين كأنهما كبتان طعنهما يومئذ يوم الدار، دار عثمان– قال: بعثني عثمان، فدعوت له الأشتر[10]، فجاء. –قال إبن عون أظنه قال: "فطرحت لأمير المؤمنين وسادة وله وسادة"–. فقال: «يا أشتر، ما يريد الناس مني؟». قال: «ثلاث ليس لك من إحداهن بد». قال: «ما هن؟». قال: «يخيرونك بين أن تخلع لهم أمرهم فتقول هذا أمركم فاختارو له من شئتم، وبين أن تقص من نفسك. فإن أبيت هاتين فإن القوم قاتلوك». قال: «أما من إحداهن بد؟». قال: «لا، ما من إحداهن بد». قال: «أما أن أخلع لهم أمرهم، فما كنت لأخلع سربالاً سربلنيه الله. والله لأن أقدم فتضرب عنقي، أحب إلي من أن أخلع أمة محمد بعضها على بعض. وأما أن أقص من نفسي، فو الله لقد علمت أن صاحِبيّ بين يديّ[11] قد كانا يُعاقبان. وما يقوم بُدٌّ في القصاص. وأما أن تقتلوني: فو الله لئن قتلتموني لا تتحابون بعدي أبداً، ولا تصلون بعدي جميعاً أبداً، ولا تقاتلون بعدي عدوّاً جميعاً أبداً». ثم قام فانطلق فمكثا. فقلنا لعل الناس. فجاء رويجل كأنه ذئب، فاطلع من باب ثم رجع. فجاء محمد بن أبي بكر[12] في ثلاثة عشر رجلاً حتى انتهى إلى عثمان، فأخذ بلحيته. فقال بها حتى سمع وقع أضراسه. فقال: «ما أغنى معاوية. ما أغنى عنك ابن عامر. ما أغنت كتبك». فقال: «أرسل لي لحيتي يا ابن أخي. أرسل لي لحيتي يا ابن أخي». قال (وثاب): فأنا رأيت استعداء رجل من القوم يعينه[13]، فقام إليه[14] بمشقص حتى وجأ به في رأسه. ثم تغاوو والله عليه حتى قتلوه رحمه الله.

هذه هي الرواية المشهورة، وهناك روايات أخرى تثبت أن عبد الله بن سبأ قد خنق عثمان t وظن أنه قد قتله، قبل أن يطعنه باقي القتلة. إذ أن المنافقين كانو مترددين في قتله مهابة منهم له رضوان الله عليه. لكن الشخص الذي زور خطابًا على لسان عثمان t إلى عامله على مصر بقتل و صلب وفد مصر، و زوّر خطاباً على لسان علي t إلى وفد مصر يأمرهم بالعودة إلى المدينة. إن هذا الشخص الذي مزق الحقد أحشاءه، ما كان ليرضى بضياع ثمرة جهوده –وهي قتل عثمان– بعد أن أصبح بينه و بين هدفه مسافة قريبة. لذا فإن هذا التردد الذي أصاب المنافقين حين دخلو على عثمان t، ما كان ليرضي اليهودي ابن السوداء (عبد اللّه بن سبأ المسمي نفسه جبلة) الذي كان من ضمن الجيش القادم من مصر. فتقدم بنفسه لقتل عثمان رضوان الله عليه.

أورد ابن حجر من طريق كنانة مولى صفية بنت حيي قال: «قد خرج من الدار أربعة نفر من قريش مضروبين محمولين، كانو يدرؤون عن عثمان». فذكر الحسن بن علي و عبد الله بن الزبير و ابن حاطب و مروان بن الحكم. قلت: «فهل تدمّى (أي تلطخ و تلوث) محمد بن أبي بكر من دمه بشيء؟». قال: «معاذ الله! دخل عليه فقال له عثمان: لست بصاحبي. و كلمه بكلام فخرج و لم يرز (أي لم يُصِب) من دمه بشيء». قلت: «فمن قتله؟». قال: «رجل من أهل مصر يقال له جبلة[15]، فجعل يقول: «أنا قاتل نعثل[16]» (يقصد عثمان). قلت: «فأين عثمان يومئذ؟». قال: «في الدار»[17]. و قال كنانة كذلك: «رأيت قاتل عثمان في الدار رجلاً أسود من أهل مصر يقال له جبلة، باسط يديه، يقول: أنا قاتل نعثل»[18]. و عن أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري قال: «دخل عليه رجل من بني سدوس يقال له الموت الأسود، فخنقه. و خنقه قبل أن يضرب بالسيف، فقال: و الله ما رأيت شيئاً ألين من خناقه، لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل الجان[19] تردد في جسده»[20].

و اعلم –رعاك الله– أن كلّ من اشترك في حصار عثمان أو حرّض القتلة عليه بغرض قتله أو ظاهرهم و كثّر جمعهم، فإنه مجرم قاتِل، و حكمه أن يـُقتل قصَاصَاً، و رسول الله r يقول «من شَرَكَ في دمٍ حرامٍ بشطر كلمة، جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيسٌ من رحمة الله»[21]. فهذا من شارك بنصف كلمة، فما بالك بمن ساهم بالقتل؟

و كذلك قوله r عن طريق معاوية: «كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلا الرَّجُلُ يَمُوتُ كَافِرًا أَوِ الرَّجُلُ يَقْتُلُ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا»[22]، وجاء من طريق أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قوله r: «لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَ أَهْلَ الأَرْضِ اشْتَرَكُو فِي دَمِ مُؤْمِنٍ، لأَكَبَّهُمُ اللهُ فِي النَّارِ». لذا فقد كان ابن عباس يرى أنه ليس لقاتل النفس المؤمنة من توبة، كما رواه مسلم «عَنْ سَعِيدِ ابْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ أَلِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَتَلَوْتُ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ ]وَ الذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ[ إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قَالَ: هَذِهِ آيَةٌ مَكِّيَّةٌ نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ ]وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيها وَ غَضِبَ اللهُ عَليهِ وَ لَعَنهُ و أعدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً[»[23].

و سئل ابن عباس عمن قتل مؤمناً متعمداً، ثم تاب و آمن و عمل صالحاً ثم اهتدى. فقال ابن عباس: «وَ أَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ؟! سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ r يَقُولُ: "يَجِيءُ مُتَعَلِّقًا بِالْقَاتِلِ تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، يَقُولُ: أيْ ربِّ سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي". وَ اللهِ لَقَدْ أَنْزَلَهَا الله ثم مَا نَسَخَهَا»[24]. وفي الحديث الصحيح: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا، أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ»[25].

و كان مقتل عثمان في سنة 35 بعد الهجرة، ثم تلتها فتنٌ عظيمة، كما تنبئ بذلك رسول الله بقوله: «تَدُورُ رَحَى الإِسْلامِ لِخَمْسٍ وَ ثَلاثِينَ، أَوْ سِتٍّ وَ ثَلاثِينَ، أَوْ سَبْعٍ وَ ثَلاثِينَ»[26]. و قد ثبت يقيناً أن أحداً من الصحابة لم يرض بما حلّ لعثمان ، فضلاً أن يكون قد أعان على قتله. فقد ثبت عن الحسن البصري رحمه الله –و هو شاهد عيان كان عمره وقتها أربع عشرة سنة– عندما سُئِل «أكان فيمن قتل عثمان أحد من المهاجرين و الأنصار؟». فقال: «لا! كانو أعلاجاً من أهل مصر»[27]. و كذلك الثابت الصحيح عن قيس بن أبي حازم أن الذين قتلو عثمان ليس فيهم من الصحابة أحد[28]. و لكن عثمان أمرهم بعدم القتال و شدّد عليهم في ذلك.

و سبب منع عثمان الصحابة من قتال أتباع إبن سبأ، فلعمه بأنه مقتول مظلوم، لا شك فيه. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلمه: «إنك تقتل مظلوماً فاصبر»، فقال: «أصبر». فلما أحاطو به علم أنه مقتول، و أن الذي قاله النبي له حق كما قال، لا بد من أن يكون. ثم عَلِم أنه قد وعده من نفسه الصبر، فصبر كما وعد. و كان عنده: أن من طلب الانتصار لنفسه و الذب عنها، فليس هذا بصابر إذ وعد من نفسه الصبر، فهذا وجه.

و وجه آخر: و هو أنه قد علم أن في الصحابة –رضي الله عنهم– قلة عدد، و أن الذين يريدون قتله كثيرٌ عددهم. فلو أذن لهم بالحرب لم يأمن أن يتلف من صحابة نبيه بسببه، فوقاهم بنفسه إشفاقاً منه عليهم. لأنه راعٍ، و الراعي واجب عليه أن يحوط رعيته بكل ما أمكنه. و مع ذلك فقد علم أنه مقتول فصانهم بنفسه، و هذا وجه.

و وجه آخر: هو أنه لما علم أنها فتنة، و أن الفتنة إذا سل فيها السيف لم يؤمن أن يقتل فيها من لا يستحق، فلم يختر لأصحابه أن يسلو في الفتنة السيف، و هذا إنما إشفاقاً منه عليهم هم، فصانهم عن جميع هذا[29]. و هكذا كانت أحوالهم في إصلاح دينهم بفساد دنياهم و نحن:

نـُرَقـِّعُ دُنيانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى و لا ما نرقـع

و انتقم الله لعثمان من قتلته شرّ انتقامٍ، و كفاه إياهم، فلم يمت منهم أحد ميتة طبيعية، إنما كلهم ماتو قتلاً. أخرج أحمد بإسناد صحيح عن عَمْرة بنت أرطأة العدوية قالت: «خرجتُ مع عائشة سنة قتل عثمان إلى مكة، فمررنا بالمدينة و رأينا المصحف الذي قـُتِل و هو في حُجره. فكانت أول قطرة من دمه على هذه الآية]فـَسَــيَكفيكـَهُمُ الله[[30]. قالت عمرة: فما مات منهم رجل سوياً»[31].

و عن ابن سيرين قال: كنت أطوف بالكعبة فإذا رجل يقول: «اللهم اغفر لي، و ما أظن أن تغفر لي!». قلت: «يا عبد الله. ما سمعت أحداً يقول ما تقول!». قال: «كنت أعطيت الله عهداً إن قدرت أن ألطم وجه عثمان إلا لطمته. فلما قتل و وضع على سريره في البيت، و الناس يجيئون فيصلون عليه، فدخلت كأني أصلي عليه، فوجدت خلوة، فرفعت الثوب عن وجهه فلطمت وجهه و سجيته و قد يبست يميني». قال محمد بن سيرين: «رأيتها يابسة كأنها عود»[32].

و عن قتادة أن رجلاً من بني سدوس قال: كنت فيمن قتل عثمان، فما منهم رجل إلا أصابته عقوبة غيري. قال قتادة: «فما مات حتى عَمي»[33]. و قال الحسن البصري (و هو شاهد على ذلك الحادث): «ما علمت أحداً أشرك في دم عثمان t و لا أعان عليه، إلا قـُـتِـل». و في رواية أخرى: «لم يدع الله الفَسَـقة (قتلة عثمان)، حتى قتلهم بكل أرض»[34].

]أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ؟ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِه!ِ[[35]. ليتنا جميعاً نكون كخيري ابني آدم القائل: ]لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي، مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ، إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ[[36]. فكن عبد الله المقتول، و لا تكن عبد الله القاتل[37].



[1] انظر: الطبري (4/461-462).

[2] في طبقاته (3/71).

[3] في منهاج السنة (6/297).

[4] طبقات ابن سعد (3/66) بإسناد صحيح و رجاله رجال الشيخين، و تاريخ خليفة (ص170) بإسناد حسن.

[5] قال الذهبي في تاريخ الإسلام (ص481) أنه قتل و هو ابن اثنتين و ثمانين سنة. و هو الصحيح.

[6] (البقرة:138).

[7] إنظر هذا الخبر في تاريخ الطبري (4/412).

[8] (2\664).

[9] (3\72).

[10] من زعماء المجرمين القتلة.

[11] يقصد أبا بكر وعمر.

[12] ولا بد من التنبيه هنا إلى أن محمد بن أبي بكر لا تثبت له صحبة، إذ أن رسول الله r قد توفي وهذا طفل رضيع. ومعلومٌ أن الصحبة تثبت بالرؤية لكن بشرط الإدراك، وهو لا يكون قبل خمس سنين. ثم توفي أبو بكر وكان ابنه محمد طفلاً، فلم ينشأ في بيت أبيه.

[13] وأظن هذا الرجل هو ابن سبأ اليهودي كما سنرى. وتأمل كيف أنه رجل غريب عن المدينة لا يكاد يعرفه أحد.

[14] ابن سبأ هو الذي طعن.

[15] جبلة: الغليظ. (ابن منظور: لسان العرب 11/98).

[16] نعثل: رجل من أهل مصر كان طويل اللحية، قيل: إنه كان يشبه عثمان، و شاتمو عثمان t يسمونه نعثلاً تشبيهاً بذلك الرجل المصري. (ابن منظور: لسان العرب 11/670).

[17] المطالب العالية لابن حجر (4/292-293) و عزاه لابن إسحاق، و الاستيعاب لابن عبد البر (3/1044-1045) و (3/1367). و إسناده حسن.

[18] ابن سعد: الطبقات 3/83،84. و رجال إسناده ثقات.

[19] الجان: نوع من الحيات، خفيف الحركة، دقيق الشكل. (ابن منظور: لسان العرب 13/97).

[20] خليفة بن خياط: التاريخ 174. و رجال إسناده ثقات.

[21] رواه الطبراني في الكبير (11/79) عن طريق ابن عباس، ورواه غيره عن طريق أبي هريرة بلفظ (من أعان على قتل مؤمن..) وقد رواه بهذا اللفظ البيهقي في السنن الكبرى (8/22) وأبو يعلى في مسنده (10/306)، وابن ماجه في سننه (2/874). و قد حكم الألباني عليه عن أبي هريرة بالضعف. ضعيف إبن ماجة (ص 209) رقم (571).

[22] الحديث أخرجه أبو داود و النسائي و أحمد و الحاكم و صححه و لم يتعقبه الذهبي و صححه السيوطي أيضاً. و صحّحه الألباني في كتاب "غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام" (ص 254) برقم (441).

[23] أخرج البخاري و مسلم في صحيحيهما الكثير من الآثار في هذا المعنى، فانظره.

[24] رواه النسائي، و عند ابن ماجة «و أنى له الهدى» مكان «التوبة».

[25] رواه الترمذي و النسائي و ابن ماجة. و صحّحه الألباني في صحيح بن ماجة (2\92) برقم (2121)، و كذلك في غاية المرام (ص253) برقم (439)، و التعليق الرغيب (3\202).

[26] أخرجه أبو داود و أحمد، و صحّحه الألباني في السلسلة الصحيحة (2\667) برقم (976)، و كذلك في صحيح أبي داود (3\801) برقم (3578). ومدار الحديث على البراء بن ناجية، فانظر الخلاف فيه في ترجمته.

[27] تاريخ خليفة (ص 176) بسند صحيح. وهذا لا ينقض أن منهم محمد بن أبي بكر كما زعم بعض من شغب علينا. فإن هذا الأخير ليس من المهاجرين ولا من الأنصار ولا حتى من الصحابة أصلاً. وكان الحسن البصري لا يسميه إلا الفاسق، كما روى ابن سعد في الطبقات بإسناد صحيح. بل روى الخلال بإسناده، عن ربيع بن مسلم، قال: سمعت الحسن بن أبي الحسن يقول: العنوا قتلة عثمان، فيقال له: قتله محمد بن أبي بكر، فيقول: «العنوا قتلة عثمان، قتله من قتله».

[28] أخرجه ابن عساكر في تاريخه، ترجمة عثمان (ص408).

[29] إنظر كلام الإمام الآجري في كتاب الشريعة (4/1981-1983) عن موقف الصحابة في المدينة من حصار المنافقين لعثمان t. و كذلك ما قاله ابن كثير في البداية والنهاية (7/197-198).

[30] (البقرة:138).

[31] إنظر: فضائل الصحابة (1/501) بإسناد صحيح. و أخرجه أيضاً في الزهد (ص127-128).

[32] تاريخ دمشق لابن عساكر (39/446-447).

[33] أنساب الأشراف للبلاذري (5/102).

[34] تاريخ المدينة المنورة لابن شبّة (4/1252).

[35] (الزمر:36).

[36] (المائدة:28).

[37] أصل هذا القول حديث ضعيف في مسند أحمد (5\110)، و لكنه صحيح في حالة الفتنة لشواهد كثيرة.
شكرا لجميع الاخوة لاهتمامهم بالموضوع الذي يذهر من المشاركات في الموضوع
الاخت انفال شكرا لك المتابعة
الاخ سامح شكرا لك المتابعة


السلام عليكم
الأخ الأكبر ابن طيبه

الأكذوبه الأكبر هي الاستغلال المسيحي لمقتل عثمان و ترويج دعايه له أقصها عليك
احراق عثمان للأصول حتى مصحف حفصه نفسه الذى اشاع انه تم النقل منه بالحرف فلماذا اذن احرقه
لو كان مطابقا لما فعل
انها اكذوبة سرعان ما اكتشفت و دفع عثمان حياته ثمنها

هذا هو الكذب
و ها هي مناقشتي مع المسيحيين و ليسوا أخوتي
المناقشه (http://www.agape-egypt.org/VB/showthread.php?t=3986)

ابن طيبة
18-10-2009, 01:11 PM
قصة حرق طارق بن زياد لمراكب الجيش

موعدنا اليوم مع قصة منتشرة في كثير من كتب التاريخ و بالأخص التاريخ الأندلسي ، ألا و هي قصة حرق طارق بن زياد لمراكبه بعد عبوره للضفة الأخرى من الأندلس و إلقائه خطبة عصماء على جنوده يحثهم فيها على القتال ..

تذكر الروايات التاريخية أن طارقاً لما عبر للضفة الأخرى من الشاطئ الأسباني ، و لكي يقطع على جنوده أي تفكير في التراجع أو الارتداد ، قام و خطب فيهم خطبته الشهيرة التي يقول في مطلعها : أيا الناس أين المفر ؟ البحر من ورائكم و العدو من أمامكم و ليس لكم والله إلا الصدق والصبر ، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام .. الخ .

و الروايات الإسلامية التي تشير إلى حادثة حرق السفن لم ترد – فيما أعلم – إلا في ثلاثة مراجع أحدها : كتاب الاكتفاء لابن الكردبوس ، و الثاني : كتاب نزهة المشتاق للشريف الإدريسي ، والثالث : كتاب الروض المعطار للحميري .

فابن الكردبوس بعد أن يصف المعركة التي خاضها طارق لاحتلال هذا الجبل الذي سمي باسمه ، يقول في اختصار شديد : ( ثم رحل طارق إلى قرطبة بعد أن أحرق المراكب وقال لأصحابه : قاتلوا أو موتوا ) . الاكتفاء لابن الكردبوس (ص46-47) .

أما الإدريسي فإنه يقول في شيء من التفصيل : ( وإنما سمي بجبل طارق لأنه طارق بن عبد الله بن ونمو الزناتي ، لما جاز بمن معه من البربر و تحصنوا بهذا الجبل ، أحس في نفسه أن العرب لا تثق به ، فأراد أن يزيح ذلك عنه ، فأمر بإحراق المراكب التي جاز بها فتبرأ بذلك عما اتهم به ) . نزهة المشتاق ( ص 36) .
و يكرر صاحب الروض المعطار رواية الإدريسي مع اختلاف بسيط و لكنه هام ، فيقول : ( و إنما سمي بجبل طارق لأن طارق بن عبد الله لما جاز بالبربر الذين معه ، تحصن بهذا الجبل ، و قدر أن العرب لا ينزلونه ، فأراد أن ينفي عن نفسه التهمة فأمر بإحراق المراكب التي جاز فيها ، فتبرأ بذلك مما اتهم به ) . الروض المعطار للحميري (ص 75 ) .

و مما يفهم من رواية ابن الكردبوس أن طارق أراد بحرق سفنه أن يشحذ همم المقاتلة . أما الإدريسي والحميري فإنه يفهم من كلامهما أن طارقاً أحس بأن العرب لا تثق به ، و قدر أنهم قد لا ينزلون معه إلى الجبل ، و هذا يعني أن خلافاً وقع بين طارق وبين جنوده العرب الذين يعملون تحت قيادته ، فعمد إلى إغراق سفنه كي يحول دون انسحابهم بها إلى المغرب ، فيتخلص بذلك من التهم التي يوجهونها ضده عند القائد الأعلى موسى بن نصير .

و كيفما كان الأمر فإن جمهور المؤرخين المحدثين يميلون إلى إنكار صحة هذه الرواية من أساسها كحدث تاريخي ، غير أن هناك من يؤيد وقوع هذه الحادثة خصوصاً وأن هناك روايات مشابهة وردت في كتب التاريخ قديماً و حديثاً تشير إلى وقوع أحداثاً مماثلة .

و الآن سنورد أدلة المؤرخين الذين يثبتون القصة ، ثم نتبعه بأدلة النافين و الترجيح بينهما .

- أدلة المثبتين للقصة :-



1- فمن الأمثلة القديمة التي يستدل بها المثبتون لهذه القصة : بموقف أرياط الحبشي الذي عبر البحر إلى اليمن ، حيث أحرق سفنه و ألقى على جنده خطبة تشبه خطبة طارق في جنوده ، و موقف القائد الفارسي وهرز الذي بعثه كسرى مع سيف بن ذي يزن إلى اليمن لتحريرها من الأحباش ، و قد أحرق سفنه أيضاً و قال لجنوده كلاماً مشابهاً لكلام طارق . راجع : الطبري (2/119) .

2 – و لعل اقرب مثال لذلك هو تلك القصة التي يرويها أبو بكر المالكي من أن فاتح جزيرة صقلية المشهور أسد بن الفرات ( ت 212هـ ) أراد هو الآخر حرق مراكبه حينما ثار عليه بعض جنوده و قواده ، و طالبوه بالانسحاب من الجزيرة والعودة إلى القيروان . راجع : كتاب رياض النفوس في طبقات علماء القيروان و أفريقية و زهادهم و نساكهم و سير من أخبارهم و فضائلهم (1/188-189) .

3 – و هناك قصة مماثلة يقدمها لنا التاريخ الأسباني و بطلها هو القائد أرنان كورتس الذي فتح المكسيك سنة ( 1519م ) ، فيروى أن هذا القائد الأسباني اكتشف مؤامرة دبرها جماعة من قواده للهرب بالسفن إلى أسبانيا ، عندئذ أمر كورتس بإنزال الجنود و الأمتعة إلى الشاطئ الأمريكي ، ثم دس من خرق السفن و أغرقها ليلاً كي يحول دون تنفيذ هذه المؤامرة . راجع : كتاب في تاريخ المغرب و الأندلس لأحمد مختار العبادي (ص62-63) .

- أدلة النافين للقصة :-



1 – أن طارق بن زياد لا يمكن أن يقطع وسيلة النجاة للعودة ، خاصة وأنه في أرض مجهولة ولا يعلم مصيره و لا مصير جنوده .

2 – أن طارق بن زياد أرسل إلى موسى بن نصير يطلب منه الإمدادات بعد أن عبر و تواجه مع جيش القوط هناك ، فأرسل له موسى بن نصير خمسة آلاف مقاتل ، والسؤال هناك كيف استطاع موسى أن ينقل كل هذه الأعداد إذا كان طارق قد أحرق السفن ؟!

3 – و يمكن أن يقال أيضاً : و هل تستطيع المصانع الإسلامية أن توفر سفن تنقل خمسة آلاف مقاتل في تلك الفترة الوجيزة ، إن كان طارقاً قد أحرق السفن .

4 – و لو قلنا مثلاً أن تلك السفن التي أحرقها طارق هي مراكب يوليان حاكم سبتة ، فبأي سلطة يقدم طارق على إحراق سفن الرجل ؟

5 – و إن قلنا بأن السفن تخص الدولة الإسلامية ، إذاً فكيف لطارق أن يتصرف في أموال الدولة على هواه ، بل يجب عليه أن يستأذن الخليفة في هذا الصنيع ، ولا يتصرف بنفسه .

6 – ثم إن طارقاً و جيشه يقاتلون من أجل عقيدة ، و إنهم من ساعة عبورهم جاءوا مجاهدين مستعدين للشهادة ، و طارق متأكد من هذه المعاني .

- الترجيح :-

من خلال النظر في أدلة المثبتين و المنكرين للقصة ، يتضح لنا ضعف أدلة المثبتين ، لأنه ليس كل ما هو مشهور صحيح ، بمعنى أنه ليست كل تلك القصص التي استدل بها الفريق الأول صحيحة ، و إن اعتقدنا فرضاً بصحة تلك القصص ، فلا يعني هذا أن يقدم طارق على حرق سفنه لأنه قد سبقه أناس آخرون بهذه الفعلة .

و إذا نظرنا إلى تعليل المنكرين للقصة نجدها صحيحة تتمشى مع خطط القائد الفاتح ، الذي يدرك مدى خطورة إقدامه على فعل كهذا .

وإن دوافع المعاني الإسلامية و الهدف الذي جاء الجيش من أجله لأقوى من الاندفاع من أي سبب آخر ، و ما كان المسلمون يتخلفون عن خوض معركة أو تقديم أنفسهم لإعلاء كلمة الله ، و المصادر الأندلسية – لا سيما الأولى – لا تشير إلى قصة حرق السفن التي لا تخلوا من علاقة وارتباط بقصة الخطبة .

- أما من ناحية الخطبة التي ألقاها طارق على جنوده ، فقد وردت في عدة مراجع مثل تاريخ عبد لملك بن حبيب ( ص 222) ، و كتاب نفح الطيب للمقري (1/225) ، و كتاب الإمامة و السياسية المنسوب لابن قتيبة (2/117) ، و كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان (4/404) .

أما عامة المراجع الإسلامية فإنها تمر عليها بالصمت التام باستثناء عبارة ابن الكردبوس التي تلخص الخطبة في كلمتين فقط : ( قاتلوا أو موتوا ) .

و قد شك بعض المؤرخين المحدثين في نسبة هذه الخطبة إلى طارق ، على اعتبار أنها قطعة أدبية فريدة لا يقدر طارق على صياغتها ، كما لا يقدر جنوده على فهمها لأنهم جميعاً – القائد و جنوده – من البربر .

على أن هذا التعليل وإن كان يبدو منطقياً و معقولاً ، إلا أنه لا يمنع من أن طارقاً قد خطب جنده على عادة القواد الفاتحين في مختلف العصور ، وإن كنا نعتقد في هذه الحالة أن الخطبة لم تكن باللغة العربية ، وإنما كانت باللسان البربري كما يسميه المؤرخون القدامى .

ثم جاء الكتاب العرب بعد ذلك ، فنقلوها إلى العربية في شيء كثير من الخيال و الإضافة والتغيير على عادتهم .

و من هذا نرى أنه ليس بعيداً بالمرة أن يكون طارق قد خطب جنوده البربر بلسانهم ، إذ أنه من غير المعقول أن يخاطبوا في ساعات الوغى و في مقام الجد بلغة لم يتعلموها أو يفهموها ، فكان استعمال اللسان البربري في هذا الموقف ضرورة لإحراز التأثير المطلوب والفائدة العاجلة .




المصدر (http://www.islamstory.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8_%D8%A3%D8%A8%D8%A7%D8%B7% D9%8A%D9%84_%D9%8A%D8%AC%D8%A8_%D8%A3%D9%86_%D8%AA %D9%85%D8%AD%D9%89_%D9%85%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%AA %D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE)